loader
 

السؤال: بسم الله الرحمن الرحيم كيف يمكن للمسلم المواضبة على صلواته الخمس دون تكاسل أو تقصير .. فأحياناً أشعر بإيمان قوي في قلبي يدفعني للصلاة بكل خشوع وأعود لأتكاسل وأقطع صلواتي ثم بعد فترة أعود بشغف جديد وألوم نفسي على تقصيري لكن هذه الحالة لا تريحني وأتمنى منكم نصحي حتى أتابع صلواتي بشكل دائم بحيث تخبروني بما يدفعني ويساعدني على الثبات ولكم جزيل الشكر

لقد بين الإمام المهدي والمسيح الموعود، عليه الصلاة والسلام، أن القرآن الكريم يقدم الحل لهذا المشكلة الهامة، وذلك من خلال ما جاءت به أوائل سورة "المؤمنون". فلقد قال الله تعالى "قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ، الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ" (المؤمنون 2-5)
نعم، إن حالة الخشوع يمكن أن تتحقق للمصلي، كما يمكن ان يستشعر بلذة عظيمة في إحدى الصلوات، ولكن بعد ذلك قد تطرأ عليه حالة من البرود تجعله لا يقبل على الصلاة التي تليها بنفس الطريقة. فما السبب يا ترى؟
ليس السبب إلا أن الشخص ينصرف بعد صلاته إلى اللغو واللهو فيغتال ذلك الخشوع الذي تحقق له في صلاته السابقة. لقد ذكر الله تعالى بعد الخشوع "وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ".. أي لا بد لمن استشعر بالخشوع أن يحمل هذا الخشوع في داخله ويتركه متوقدا إلى أن يأتي موعد الصلاة التالية فيدخل فيه من جديد. وبهذه الطريقة فقط يمكن أن يخطو الخطوة الأولى نحو المحافظة على صلاته.
إن الآيات الأولى من سورة المؤمنين ترتب المراحل التي يجب على المؤمن أن يسلكها كي يصل إلى المحافظة الكاملة على صلاته وهي بعد ترك اللغو والإعراض عنه ما يلي:
(وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ، وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ.... وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ... ثم يقول تعالى:وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ" (المؤمنون 10)

أي أن المحافظة الكاملة على الصلاة لا تتحقق إلا بترك اللغو واللهو والإعراض عنه، ثم أداء الزكاة والصدقات، ثم حفظ الفرج الذي يبدأ من غض البصر، ثم الالتزام بالأمانة التامة ومراعاة العهود، فبهذا يصبح الإنسان محافظا على صلاته.
ولقد بين حضرته، عليه الصلاة والسلام، أن مسألة خلق الحالة الروحانية في المؤمن تماثل عملية خلق الجنين في رحم أمه. وقد ذكرت سورة المؤمنين مسألة خلق الحالة الروحانية أولا، والتي تكون المحافظة على الصلاة على أكمل وجه أبرز وجوهها، ثم ذكر مسألة خلق الإنسان من نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى اكتمال الجنين. وفي هذا إشارة إلى المماثلة بين الأمرين.
يمكنك التدبر في أوائل سورة المؤمنين بالأخذ بعين الاعتبار تلك المماثلة عسى أن يفتح الله عليك لرؤية الكثير مما فيها جوانب جميلة. وفقك الله.
تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة