نعم.. إن الإنسان يولد على الفطرة نقيا ليس فيه دنس وليس وراثا لخطيئة لم يرتكبها!!
إن الأشخاص الأتقياء الأنقياء الطاهرين كانوا موجودين دائما، بل هم أبرز من خلدوا وبقي ذكرهم على وجه الأرض وإن كانوا قلة، بينما مئات الملايين من الخاطئين ماتوا ومات ذكرهم. فمن منا لا يعرف الأنبياء والصديقين المعروفين عند كل الأديان وفي كل الثقافات تقريبا.
كذلك فإن الأشخاص الطاهرين ما زالوا موجودين في هذا العصر أيضا، وإن لم تكن قد صادفت أحدا منهم حتى الآن فنأمل أن يأتي اليوم الذي تصادف فيه واحدا أو ثلة منهم. وعلى كل حال، فإن الإنسان إذا كان في محيط بعيد عن فكرة الطهارة وعن استحالة تحققها فإنه من الطبيعي ألا يصادف أحدا ملتزما بها.
من المؤسف حقا أن تكون الفكرة التي تقدمها المسيحية هي نسخة أكثر تشددا وتطرفا من فكرة الشيطان نفسه عن الإنسان وعن إمكانية صلاحه. فالشيطان بنفسه لم يتصور مطلقا أن الأرض ستخلو تماما من هؤلاء الأتقياء الأنقياء، بل هو أكد أن سيبذل جهده بحيث يضل أكبر عدد ممكن من الناس، ولن يتمكن منهم كلهم على الإطلاق، حيث ورد قوله هذا في قول الله تعالى:
قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (ص 83-84)
فالشيطان قد استثنى بنفسه المخلصين من عباد الله تعالى الذين لن يتمكن من السيطرة عليهم.
وقد أكد الله تعالى بنفسه هذه الحقيقة أيضا حيث قال:
إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (الحجر 43)
إن الإسلام لم يكتفِ بمجرد الإعلان عن وجود هؤلاء الطيبين الطاهرين المخلصين من عباد الله، بل قدم عددا كبيرا من هؤلاء في كل العصور وفي هذا العصر. وقد خط الإسلام الطريق لكل إنسان أن يسلك سبل الطهارة فيعيش حياة هانئة بعيدة عن الشيطان وعن ضلالاته وعن حياة الشقاء التي يدفع الناس نحوها.
نعم.. إن الإنسان يولد نقيا، وإن وجد بيئة ملائمة فإنه سينشأ تقيا نقيا أيضا، ثم عندما يصبح مدركا وواعيا ويسعى جاهدا لكي يعيش تقيا نقيا فإنه سينجح في هذه المهمة بلا شك، ولكنه لن ينال ذلك بالكسل والاسترخاء والميل تجاه الشيطان ومغرياته. وعلى كل حال، فإنه لو وقع في بعض المعاصي والآثام في مسيرته هذه، فهذا سيكون أشبه بعارض مرضي لا بد أن يزول ويعود الإنسان إلى صحته الروحية مرة أخرى أذا أصر أنه لن يطمئن بالخطيئة ولن يرتضي بها. وكما أن الشفاء من الأمراض يؤدي إلى تقوية مناعة الجسم فيصبح محصنا تجاه الأمراض، كذلك فالذنوب إن وقع فيها الإنسان الضعيف ونجا بالتوبة النصوح فإنه سيعود إلى صحته الروحية محصنا من الوقوع في تلك الذنوب مرة أخرى.
هذا في الحقيقة غيض من فيض .. ولكن شتان بين هذه الفكرة الإسلامية العظيمة التي ترتقي بالإنسان وتجعله يسعى نحو الطهارة والتقدم الروحي، وتجعله لا ييأس من أن يصبح طاهرا نقيا صالحا يوما، وبين الفكرة المسيحية التي تدعو الإنسان إلى اليأس من صلاحه وتقواه وتؤكد استحالة وصول الإنسان إلى هذه الدرجة. تلك الفكرة التي تعيش على تشويه صورة الإنسان وفطرته وصورة أطهر بني البشر وأطهر الخلق وأنقاهم، وهم الأنبياء، لكي تثبت مصداقيتها!! فأي شيء تختارون؟ هل تختارون أن يكون بولس محقا في نظريته هذه ويكون الناس جميعا مخطئين فاسدين، أم تختارون أن يكون بولس وحده (الذي تفوق على الشيطان في نظريته تلك) فاسدا مفسدا مخطئا أساء إلى البشرية جمعاء؟!!
تميم أبو دقة
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8