مع أن السؤال لأخي إلا أنني سأجيب عليه لكي لا يظن الأخ أن الهروبية منهج متبع في جماعتنا أو أن للأخ هاني خطابا مختلفا عن خطاب الجماعة عموما.

أولا: من قال إن تكذيب الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام لا يورث عقابا؟!
إن تكذيبه هو تكذيب لنبي مبعوث مرسل من عند الله وهو من نواقض الإيمان حتما. ولكن، هل يمكن أن نحكم على كل من لم يصدق به بأنه كافر؟ بالطبع لا، وهذا لأننا لا نعلم إن كان لم يصدق لأنه لم يسمع مطلقا، أو سمع ولم يؤتَ من العلم والمعلومات ما يكفي لذلك ولم يجد وسيلة بعد سعيه لكي يستوضح أكثر، أو هو سمع ولم يلجأ للبحث والتدبر والتفكر، أو هو كذَّب بعد أن أقيمت الحدة عليه وجحد وكفر بعد أن استيقنت نفسه. وكل إنسان سيكون مطالبا أمام الله بما آتاه، فمن كفر جحودا أو من ترك دون أن يصل إلى الحقيقة بعد سماعه وبعد بذله كل الجهد لذلك فهو مسئول أمام الله، والله يعلم درجة الكفر التي وقع فيها. وهذه هي علة عدم إعلاننا كفر الأمة الإسلامية طالما لم تصدق بالإمام المهدي، وهذا هو الفارق الهام بيننا وبين من يستمرئ إصدار فتاوى التكفير.

إن الظن أننا نتهرب بهذا القول من التكفير صراحة، في محاولة لمداهنة الأمة، لهو ظن خاطئ. فنحن نواجه الأمة بأمور أكثر إثارة وأكثر خطورة وأكثر جلبا للعداوة من تلك. فلو اعتقدنا بكفر الأمة لأعلناه وما خشينا شيئا.

وقد فعلتَ خيرا وأحسنت إذ خشيت على مصيرك. فهذا ما يجب أن تقلق بشأنه. إنك الآن مطالب أن تتحقق من صدق دعوى الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام أو عدم صدقها. ولن يقبل الله تعالى منك أي تخاذل أو تراجع أو ترك للمسألة طالما أنك لم تحسم أمرك. فإن ملكت حجة بالغة على عدم صدقه وكنت مستعدا لتقديمها أمام الله، فلا شيء عليك. أما إن غضضت الطرف عن الحقائق وحاولت التهرب وملت إلى التكذيب تهاونا دون أن تحيط بالأمر علما، فإنك ستنجو فقط فيما لو كانت هذه الدعوى غير صحيحة. ولكن ماذا إن كانت صحيحة؟ إن الله تعالى يقول في ذلك:

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (فصلت 53)

وعندها فإن الله تعالى سيقول لك في موقفك أمامه (ونسأل الله أن يجنبك إياه):

حَتَّى إِذَا جَاءُوا قَالَ أَكَذَّبْتُمْ بِآَيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُوا بِهَا عِلْمًا أَمْ مَاذَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (85) وَوَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ بِمَا ظَلَمُوا فَهُمْ لَا يَنْطِقُونَ (86) (النمل)

لذلك، فإن خشيت على مصيرك فعليك بالبحث والتفكر والتدبر متوكلا على الله وداعيا له دائما أن يهديك إلى الحق بإذنه. ونسأل الله لنا ولك ذلك دائما. آمين.

تميم أبو دقة