loader
 

السؤال: أحاديث رسول الله التي تتحدث عن المهدي والمسيح يفهم منها أنهما شخصان مختلفان! فما الذي يجعلكم تعتقدون أنهما شخصًا واحداً؟ وإذا كانا شخصًا واحدًا، فهل تكرمتم بالتوضيح؟ وأعني بالتوضيح ذكر الأدلة. ثانيا: لماذا تطلقون على أرض فلسطين الديار المقدسة ولا تطلقون هذه التسمية على مكة والمدينة؟ وجزاكم الله خيرًا.

الأدلة على أنَّ المهدي والمسيح شخص واحد هي:
1- الحديث الذي رواه الإمام أحمد بن حنبل عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ يُوشِكُ مَنْ عَاشَ مِنْكُمْ أَنْ يَلْقَى عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ إِمَامًا مَهْدِيًّا وَحَكَمًا عَدْلاً فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلُ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعُ الْجِزْيَةَ وَتَضَعُ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا (مسند أحمد، باقي مسند المكثرين)
إذًا، المسيح الموعود والمهدي ليسا شخصيتين مختلفتين، بل هو شخص واحد متصف بصفة المهدوية، وصفة المسيحية، ويجمع في ذاتـه وظيفتين مختلفتين نوعًا وأهمية، فهو مهدي كونـه سيزيل ما شاب العقيدة الإسلامية من شوائب، وكونـه سيعمل على إصلاح أحوال المسلمين. وهو مسيح كونـه سيعمل على كسر الصليب بمعنى إبطال عقائد النصارى بحجج دامغة.
2-الحديث الذي رواه ابن ماجة عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللـه صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وسلَّم قَالَ لا يَزْدَادُ الأَمْرُ إِلا شِدَّةً وَلا الدُّنْيَا إِلا إِدْبَارًا وَلا النَّاسُ إِلا شُحًّا وَلا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلا عَلَى شِرَارِ النَّاسِ وَلا الْمَهْدِيُّ إِلا عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ (سنن ابن ماجة، كتاب الفتن، باب شدة الزمان)
فهذا نص واضح في أنَّـهما شخصية واحدة.
3-الحديث الذي رواه البخاري عَنْ نَافِعٍ مَوْلَى أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللـه صَلَّى اللـه عَلَيْهِ وسلَّم كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابْنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ. (صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، باب نـزول عيسى ابن مريم)
إذا كان عيسى نبيًّا، وكان المهدي رجلاً مؤمنًا مجددًا من دون أنْ يكون نبيًّا، فمن يتبع الآخر؟
إن جملة (وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ) تعني: وهو إمامكم منكم وليس من أمة أخرى، إنّ ابن مريم، هنا، هو إمامنا المهدي عليه السلام من أمة الإسلام، لا من بني إسرائيل. ولسنا بحاجة إلى تكرار أنَّ ابن مريم اسم أطلق على شخص شبيه بـه، ويسمى هذا في اللغة العربية الاستعارة التصريحية، حيث صُرِّح بالمشبه به، وحُذِف المشبه.
4-لمّا ثبت يقينًا موت عيسى عليه السلام، لم يبق إلا أن يكون المقصود بنـزوله مجيء شخص شبيه به في هذه الأمة، ولن يكون هذا إلا المهدي. وهنا لا بد من مراجعة أدلة وفاة المسيح في الموقع.

أما إطلاق الديار المقدسة فالله تعالى في كتابه الكريم قد أطلق هذا الاسم حين قال في سورة المائدة: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ (20) يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ (21)
أما مكة والمدينة فهما مقدستان بلا شك، ولكن هذا اصطلاح أطلقه القرآن العظيم كما قلت.


 

خطب الجمعة الأخيرة