loader
 

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..لماذا سميّ المسيح الموعود عليه السلام بابن مريم في الأحاديث النبوية الشريفة؟

من المعلوم ومن الشائع أن الناس إذا عرفوا شخصا قد قام بمجموعة من الأعمال العظيمة في زمن وظروف معينة ثم مضت الأيام وجاء زمان شبيه بذلك الزمان وظروف شبيهة بتلك الظروف فهم يتذكرون عندها ذلك الشخص الأول ويتمنون قدومه، ثم إذا بدرت بعض العلامات لشخص مشابه يتأملون أن يقوم بما قام به لم يتوانوا في إطلاق اسمه الكامل عليه. وعلى سبيل المثال، فنعلم في التاريخ أن صلاح الدين الأيوبي قد ظهر عندما كانت القدس وفلسطين وأجزاء من بلاد الشام ومصر تحت احتلال الفرنجة، فوحد الأمة وحارب الصليبيين وأعاد القدس إلى المسلمين. وفي هذا الزمن الذي وقعت فيه فلسطين تحت الاحتلال وضاعت القدس نجد الناس لا يتوانون في التمني بظهور صلاح الدين من جديد ولا يتوانون أيضا في إطلاق اسمه على من رأوا منه بوادر أنه قد يكون صلاح الدين القادم. وهكذا يتحول الاسم الصريح إلى لقب يمكن أن يناله من جاء في المستقبل دون اشتراط أن يكون حاملا لنفس الاسم حقيقة. وهكذا بالنسبة للإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، فقد سمي بالمسيح ابن مريم (حتى مع ذكر أنه "ابن مريم" لأنه هنا قد تحول إلى لقب وليس اسما حقيقيا) لتشابه الظروف والزمان مع المسيح الأول من جهة إضافة إلى أن صورة المسيح عيسى بن مريم عليه السلام قد تشوهت بسبب اتخاذه إلها من قبل النصارى فأراد الله أن يظهره لكي يبطل هذا الأمر في زمن غلبة النصارى أيضا.
وحول ذلك كتب الإمام المهدي عليه السلام في كتاب حمامة البشرى:
"وأما إقامته في مقام عيسى وتسميته باسمه فله وجهان:
الأول: أن المجدد لا يأتي إلا بمناسبة حال قوم يريد الله أن يتم حجته عليه، فلما كانت الأعداء قوم النصارى.. اقتضت الحكمة الإلهية أن يُسمّى المجدد مسيحا.
والثاني: أن المجدد لا يأتي إلا على قدم نبي يشابه زمان المجدد زمانه، فهنا قد شابه زمان قومنا بزمان المسيح، فإن عيسى عليه السلام قد جاء في وقت ما بقيت فيه رياسة اليهود، وتملكت السلطنة الرومية عليهم، ومع ذلك جاء في وقت قد فسدت قلوب علماء اليهود، وزاغت فيه آراؤهم، وكثرت فيهم المكائد والفسق والفجور، وحب الدنيا والخسة والسفاهة والنفاق والجدال، وغير ذلك من الآخلاق الرديئة، وكذلك كان حال قومنا في هذا الوقت، فاقتضت حكمة إلهية أن تسمي المجدد عيسى ابن مريم، رعاية لحالات المخالفين والموافقين."
(الخزائن الروحانية، مجلد 7، ص213)

إضافة إلى ذلك فإن لتسميته ابن مريم معاني روحانية عظيمة تتلخص في أنه كان وليد حالة الطهارة وإحصان الفروج المريمية التي أهلته لكي يكون هو المسيح.. أي أنه ابن الحالة المريمية أيضا. وقد بين حضرته في بعض كتبه هذا السر الروحاني لمن أراد أن يتدبر أو يطمئن قلبه أكثر بعد تبيان الآيات والبينات والدلائل على صدق دعواه.

تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة