loader
 

السؤال: لقد ورد في القرآن عن بني إسرائيل أنهم قتلة الأنبياء حيث قال تعالى: {يقتلون النبيين... }، وهذا لا يعني قتلا ماديا وإنما يعني تكذيبهم ووأدهم ومعارضتهم لدعوات الأنبياء، حيث أن رفض دعوة النبي هو بمثابة قتل له بمعنى مجازي.. واإلا فالسؤال الذي يطرح نفسه من هم هؤلاء الأنبياء من بني اسرائيل الذين قتلوا قتلا ماديا غير يحيى؟ فلا التاريخ ولا القرآن يخبر عن هؤلاء الأنبياء من بني إسرائيل على زعم قتلهم..

ما ذكرتُه بخصوص التصريح القرآني بإمكانية قتل الأنبياء ليس متعلقا بهذه الآية التي ذكرتَها فقط، بل مثلا في الآية الكريمة : "وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل إفإن مات أو (قتل) انقلبتم على أعقابكم".
إن ما ذكرتَه بخصوص اعتبار التكذيب قتلا بحق النبيين هو صحيح، وهو معنى مجازي، ولكن لا يجوز الاكتفاء به وصرف الوجه الحقيقي وتركه دون دليل. إن الوجه الحقيقي لأية آيةٍ لا يترك ويصرف إلى المجاز فقط إلا بعلة أو بسبب واضح يقتضي صرفه. فهذه الآية تتكلم عن قتل حقيقي قد حصل في الواقع وعن قتل معنوي حصل أيضا.
أما عدم ذكر قتل الأنبياء في القرآن فهذا لأن القرآن ليس كتاب قصص الأنبياء، بل هو يذكر الأجزاء المفيدة من قصص الأنبياء لتكون عبرة، إضافة إلى اشتمالها على بعض النبوءات المتعلقة بالأمة الإسلامية.
أما التاريخ، فتاريخ بني إسرائيل يذكر قتل بعض الأنبياء.
المهم أن النبي ليس معصوما من القتل إلا إذا بُشِّر بذلك. ولقد كان عيسى عليه السلام يخشى أن يقتل على الصليب كي لا يُظن به أنه كاذب، ولم يطمئن حتى بشره الله بالبشرى التي أوردها القرآن الكريم "وإذ قال الله يا عيسى إني متوفيك...". فلو كان عيسى عليه السلام يعلم بأن الأنبياء لا يقتلون، لما دعا الله بكل تضرع كي يصرف عنه القتل.
كذلك خشي هارون عليه السلام من القتل على يد بني إسرائيل عندما ذهب موسى عليه السلام لميقات ربه، فلو علم أن القتل غير ممكن بحقه لما خشي شيئا.
ولقد بشر الله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بالعصمة من القتل، كما بُشر الإمام المهدي عليه الصلاة والسلام بذلك أيضا، وتحقق ذلك الوعد، ومن أوفى بعهده من الله!

تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة