السَلامُ عَلَيْكُم ورَحْمَةُ اللهِ وَبَركاتُه
نعم، فقََدْ منعَ الْمَسِيحُ الموعودُ عَلَيهِ السَلام زواج المسلمة الأحمدية بغير المسلم الأحمدي، ولكن حضرته لم يقل بأن ذلك حرامٌ بل أسماها معصية فقط، أي إنه من باب ما نهى عنه الشارع. يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"لا حرج في الزواج من فتاة غير أحمدية حيث إنَّ الزواج من كتابية أيضاً جائز. بل في الزواج منها منفعةٌ وخير، إِذْ يتسبب في هداية شخص آخر. ولكن يجب ألا تُنكِحوا الآخرين بناتِكم. إذا أُعطيتم بنتًا مِن قبلهم فلا حرج في قبولها، أما أنْ تعطوا فتياتكم للآخرين فهذه معصية". (الملفوظات، ج 10، ص 230)
فهي معصية لأنها مخالفة لروح جماعة المؤمنين التي أسسها حضرته عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام، إذْ ستتبع الزوجةُ الأحمدية زوجَها غير الأحمدي الذي يُكفّر المسيحَ الموعود عَلَيهِ السَلام، إِذْ لو لَمْ يكن يُكفّر المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام لآمنَ به. وهكذا يكون هذا الزواج سببًا في كُفرٍ بدلاً من إيمان. يوجد اليوم العديد من السيدات اللاتي قبلن الجماعة الإسلامية الأحمدية وأصبحن أحمديات مؤمنات وهن متزوجات بالأصل من غير الأحمديين، ولم تقل الجماعة عليكن بالطلاق من أزواجكن بل العكس، فالجماعة توصيهن ببِرّ أزواجهن وفق تعاليم الإسلام. ولكنها فقط لا تنصح بزواج الأحمدية من غير الأحمدي للأسباب المذكورة. أما خصوم جماعتنا فهُم الذين يُفرِّقون شمل الناس ويطلّقون النساء من رجالهن في المحاكم بمجرد أن يُعلِنُ الرجلُ إيمانه بالمسيح الموعود عَلَيهِ السَلام، وهو أمرٌ يحدث بشكل شبه يومي للأسف. فالمعصية إذن ليست كالتحريم، فالتحريم ثابتٌ في الكتاب والسنة، أما المعصية فهي اتّباع الرأي الشخصي دون الأخذ بنصيحة الإمام -أي المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام- وعدم النظر في عواقب الارتباط بمن يُكفّرُ حضرَته عَلَيهِ السَلام. وهذا المنع معروفٌ في أغلب فرق المسلمين، فبعض أهلُ السنّة لا ينصحون بالزواج بمسلمٍ إذا كانت عقيدته مخالفة كالشيعة وغيرهم، والعكس صحيح، وهنالك فتوى لهم معروفة ومنشورة على الانترنت.
هناك أيضاً جانب مهم لا يجب إغفاله وهو أن الزواج ليس مجرد علاقة عابرة بين شخصين يجدان ميلاً مادياً إلى بعضيهما أو تقارباً في الأفكار. بل هو مؤسسة متكاملة الأركان وارتباط دائم بين شخصين بهدف تحقيق الألفة والسكينة مما ينتج عنه استقرار نفسي ومادي للزوجين تكون ثمرته ذرية صالحة تتربى على قيم دينية وأخلاقية يشترك فيها الزوجان. وما دام الدين والعقيدة أمراً رئيسياً في حياة المسلم والمسلمة على حد سواء، فليس من السهل التكهن بإمكانية حصول الألفة والسكينة في بيت تشوبه خلافات عقائدية خطيرة قد تصل حد التكفير والإخراج من الملة. كما أنه من المحال توفير بيئة دينية سليمة لأبناء لا يتفق أبواهم على عقيدة واحدة. وعلى هذا الأساس فإن بعثة سيدنا أحمد عليه السلام إماماً مهدياً ومسيحاً موعوداً أمر جللٌ وقضية عقائدية في منتهى الأهمية. وشتان بين الإيمان بهذا الرجل والكفر به. فالإيمان به يقتضي أنه هو ذلك الموعود الذي بشَّرَ به الرسولُ صلى الله عليه وسلم وأناط به اللهُ تعالى مهمة إحياء الإسلام، وهذا الإيمان ينبغي أن ينبني عليه عمل صالح وجهاد بالأنفس والأموال وتضحية مستمرة، في حين أن الكفر به يعني تلقائياً اتهامه بالكذب والإفتراء على الله والعياذ بالله تعالى. ولا يمكن سواء الأولاد أو الآباء تدبير هذا الخلاف بما يحفظ استمرار الأسرة وعدم تفككها من جهة، وإحسان تربية الأبناء من جهة أخرى. ولهذا فإن الإيمان شرطٌ أساسي لنجاح كل علاقة زوجية، و هذا ما يشير إليه قول الله تعالى:
﴿وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّىٰ يُؤْمِنَّ ۚ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ ۗ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّىٰ يُؤْمِنُوا ۚ وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ ۗ أُولَٰئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ ۖ وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ ۖ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ﴾ 222 سورة البقرة
فالخلاصة، أنَّ الذي يريد تزويج ابنته بمن يُكفّر المسيحَ الموعود عَلَيهِ السَلام فهو يغامرُ بمستقبلها ومستقبل أولادها، وهي مغامرة بحياة أسرة كاملة لا تحمد عقباها فوق كونها مخالفة وعدم اعتداد بنصح المسيح الموعود وأوامره عَلَيهِ السَلام.