كلما ازداد الصلاح وطهارة النفس والتقوى ازدادت الرؤى الصادقة وتراجع حديث النفس وازدادت عصمة المؤمن من قذف الشيطان. يقول الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:
"إن أنوار الوحي الإلهي لا يقبلها بوجه أتم وأكمل إلا النفس التي نالت التزكية على وجه أتم وأكمل. إن تلقي الإلهام والرؤى في حد ذاته لا يدل على ميزة أو كمال ما لم تحظَ النفس -بسبب الحصول على التزكية التامة- بحالة يتم فيها انعكاس الأنوار، وما لم تُظهر فيها وجه المحبوب الحقيقي ﷻ. فكما أن رحمة الله العامة قد وهبت الجميع، إلا ما شذ وندر، العينين والأنف والأذن وحاسة الشم والقوى الأخرى كلها، ولم يبخل بها على قوم، كذلك لم يحرم الله ﷻ قوما في أي زمن من زرع القوى الروحانية فيهم. وكما ترون أن ضوء الشمس يقع في كل مكان ولا يخلو منه مكان سواء أكان كثيفا أو لطيفا، كذلك الحال بالنسبة إلى قانون الطبيعة المتعلق بالشمس الروحانية، فلا يحرم من نورها مكان كثيف ولا لطيف. صحيح أن ذلك النور يعشق قلوبا نزيهة ونقية. فحين تلقي الشمس الروحانية بنورها على أشياء نقية فهي تُظهره فيها بالكامل إلى درجة تصوِّر وجهَها فيها. كما ترون الشمس حين تأتي مقابل الماء النقي أو المرآة النقية تظهر فيها صورتها الكاملة إلى درجة أنها تتراءى في الماء النقي أو المرآة الصافية كما تتراءى في السماء دون أدنى فرق.
فلا كمال للإنسان من الناحية الروحانية أكبر من أن يحظى بصفاء يصل إلى درجة بحيث تتراءى فيه صورة الله تعالى. فيشير الله في القرآن الكريم إلى هذا الأمر ويقول: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً}. والواضح أن الصورة تكون خليفة للأصل وتنوب عنه، لذا حيثما وكيفما تكون الأعضاء والملامح في الأصل، فهي تظهر في الصورة كذلك تماما. لقد ورد في الحديث الشريف والتوراة أيضا أن الله تعالى خلق الإنسان على صورته، والمراد من الصورة هنا هو التشابه الروحاني نفسه. وواضح أنه حين يقع ضوء الشمس على مرآة صافية فلا تتراءى فيها الشمس فقط، بل تُظهر المرآة صفاتها أيضا، ومنها انعكاس ضوئها إلى غيرها. والحال نفسها بالنسبة إلى صورة الشمس الروحانية، فحين يقبلها القلب النقي بصورة انعكاسية تخرج من ذلك القلب أيضا أشعة كأشعة الشمس وتنوِّر الأشياء الأخرى، وكأن الشمس كلها تدخله بكل قوة وعظمة." (حقيقة الوحي)
وعموما، يجب على المؤمن ألا يأمن اختلاط رؤاه بحديث النفس والأماني التي قد يقذفها الشيطان وألا يأمن خطأ التأويل أيضا، لذلك فإن رأى شيئا ينبئه بحدث أو غيب يتعلق به فيجب عليه أن يتوكل على الله تعالى ويقول كما قال النبي صلى الله عليه وسلم {إِنْ يَكُنْ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ} (صحيح البخاري، كتاب النكاح) وعليه أن يلتزم بالتقوى وبالشريعة وألا يقوم بما يخالفهما ويتسرع. كذلك ينبغي ألا تستحوذ الرؤى عليه ويتمناها ويحدث بها كثيرا، فهذا سيكون مدخلا للشيطان وقد يؤدي إلى الانحراف عن جادة الصواب وضياع الإيمان.
كذلك، هنالك بعض الرؤى المزعجة تكون تخويفا من الشيطان، فلذلك الواجب على من يرى رؤيا يكرهها أن يستعيذ بالله ثلاثا ويتفل ثلاثا عن يساره، وأن يقول إنا لله وإنا إليه راجعون، أي أنه لا يخاف الشيطان ويتوكل على الله، وبإذن الله لن تضره.