loader
 

السؤال: السلام عليكم اما بعد كثيرا ما ترددت كلمة انشقاق القمر في التراث الاسلامي اريد ان اعرف وجهة نظركم في هذه الكلمة وكيف انشق هذا الكوكب وما معنى كلمة قمر قي الاصطلاح الديني وشكر ا لكم

ما نقوله ونؤمن به هو أن القمر انشق كما أخبر الله تعالى في كتابه العزيز. أما كيف حدث ذلك فعلمه عند الله تبارك وتعالى، وقد بيَّنَ مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية عَلَيهِ الصَلاة وَالسَلام بأن انشقاق القمر حدث فعلاً وشهد عَلَيهِ التاريخ ولكن ليس بالصورة التي يظنها الناس، لأنه أمر يحدث في عالم الكشف وفي الحقيقة كنوع من الزلازل أو لخلل ما في سطح القمر ونحو ذلك. 

وفيما يلي نص كلام المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام حول معجزة انشقاق القمر ردّاً على اعتراض أحد علماء الأريا:

"اعتراض من لاله مرليدهر المحترم مدرس الرسم
سأطرح الآن ستة أسئلة أولها أن من عقائد أهل الإسلام أن الأنبياء ُيظهرون المعجزات، فقد شَقَّ حضرة محمد المحترم القمر شقين، وأخرج كل شق منهما وأخرجهما من كُميه أو أخرج أحدهما من كم والثاني من آخر. فخروج شيء طوله وعرضه آلاف الأميال أو قطره آلاف الأميال من ثقبٍ قطره فتحة قطرها ست بوصات أًو قدمٍ واحدة فقط يخالف قانون الطبيعة. وانحراف القمر، الذي يدور دورة حول الأرض شهريا، عن مداره، ثم لا يشاهده أحد في العالم سوى بضعة أشخاص، مع أنه بذلك يختل نظام العالم؛ إذ لا ذكر له في تاريخ أي بلد مثل الهند والصين .. وغيرها. ومن هنا يثبت بوضوح أن هذه الأمور كلها مزيفة ومختلقة. فإذا كانت حقيقية فما الدليل على ذلك ؟
مرليدهر"

فكان جواب المسيح الموعود عَلَيهِ السَلام كالتالي:

"بسم الله الرحمن الرحيم
إن الاعتراض الذي أثاره المدرس المحترم هو على معجزة انشقاق القمر؛ أي أن انشقاق القمر يخالف العقل أولاً، والثاني أن خروج شقَّي القمر من الكمَّين أيضاً ينافي العقل صراحة. وليتضحْ ردّا على ذلك أن الاعتراض أنه كيف انشق القمر وخرج الشقان من الكّمين، هوعديم الأصل وباطل تماما. فلا نؤمن أبداً أن القمر انشقَّ وخرج الشقّان من كمَّي النبي ﷺ، وهو غير مذكور في القرآن الكريم ولا في أي حديث صحيح. وإذا كان أحد يدعي أنه وارد في القرآن الكريم فليذكره. .. فالاعتراض الذي لا أصل له في القرآن الكريم أو الحديث إذا كان يَثبت منه شيء فإنما أن المدرس المحترم ليس لديه أي إلمامٍ بأصول الإسلام وكُتبه الموثوق بها. فإذا كان اعتراض المدرس مبنياً على أصل صحيح فعليه أن يستخرج لنا من القرآن الكريم في هذا المجلس نفسه الآية التي ورد فيها هذا التفصيل. وإن لم يجد آية من القرآن الكريم فليقدم أي حديث صحيح قد ورد فيه هذا المضمون، وإن لم يستطع فليخجل وليستحِ. لأن الحوار يليق بمن يكون مُطَّلِعًا على دين الفريق الخصم. .. أما الفعل الإلهي الذي له علاقة بالقدرة وحدها فلا يستطيع أن يعترض عليه إلا من أحاط بجميع قدرات الله أولاً. وليكن واضحا هنا أيضاً أن انشقاق القمر حادثٌ تاريخي قد ورد ذكره في القرآن الكريم، والواضح أن القرآن الكريم كتاب كانت كل آية عند نزولها تُقرأ على مسامع آلاف من المسلمين والمُنكرين. وكانت تُبلغ، وكان له مئات الحفّاظ، وكان المسلمون يقرأون القرآن في الصلاة وخارجها أيضاً. فلما ورد في القرآن الكريم صراحة أن القمر قد انشق، وأن الكفار حين رأوا هذه الآية قالوا إنه سحر، كما يقول الله تعالى: {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} (القمر:٢-٣)، فكان لزاماً على المُنكرين في ذلك الزمن أن يتوجهوا إلى بيت النبي ﷺ ويقولوا له: متى وفي أي وقت شققتَ القمر، ومتى رأينا ذلك؟ لكن لما سكت جميع المخالفين ولم ينبسوا ببنت شفة بعد نشر هذه الآيات وكونها معروفةً، فهذا يبرهن على أنهم كانوا قد رأوا القمر قد انشق حتًما. ولذلك لم يجدوا مجالاً للاعتراض. باختصار؛ من الواضح جدًّا والمفيد للباحث صادقِ الطبع أنه لم يكن في وسع النبي ﷺ أن يسجل في القرآن الكريم أي معجزة كاذبة بذكر شهادة معارضيه. لأنه لو كتب زيفاً لما تركه معارضوه المعاصرون المقيمون في المدينة نفسها. وبالإضافة إلى ذلك ينبغي التأمل في أن المسلمين الذين قُرئت عليهم هذه الآية كانوا هم أيضاً بالألوف. ومعلوم أن كل إنسان يتلقى من قلبه شهادة محكمة أنه لو صدر من أي شيخ أو مرشد أو رسول أمرٌ كذِبٌ وافتراءٌ محض لتلاشى تعظيمه له كله فورا. وسيصبح مثل هذا الرجل يبدو مكروها في نظر كل واحد. ففي هذه الحالة من الواضح جدًّا أنه إذا لم تكن هذه المعجزة قد ظهرت وكانت افتراءً محضا، َلتحتَّم أن يرتد فورا ألوف مؤلفة من المسلمين الذين آمنوا بالنبي ﷺ كلُّهم. لكن من الجلي البيِّن أن شيئا من هذه الأمور لم يظهر. ومن ثم ثبت بالتأكيد أن معجزة انشقاق القمر ظهرت حتًما. فليفكر كل منصف في نفسه؛ ألا يكفي إثباتاً تاريخياً أن معجزة انشقاق القمر سُجلت في القرآن الكريم بشهادة المعارضين ونُشرت في الزمن نفسه. ولزم جميعُ المعارضين الصمتَ عند سماع هذا المضمون. فلم يدحضْه أحد شفهياً أو خطياً، وآلاف المسلمين من ذلك الزمن شهدوا شهادة عيان. ونريد أن نقول مكرراً ثانيةً: إن الاعتراض على قدرة الله هو اعتراض على الله تعالى. .. لا شك أن الجزء القائل من سؤالك بأنه لا شيء معارض لقانون الطبيعة الأزلي والأبدي يمكن أن يحدث صحيح جدّا، وفي محله. إلا أن ادعائك بأن العقل الإنساني قد أحاط بهذا القانون الأزلي والأبدي تماما، واعتراضك على انشقاق القمر بناء على هذه الفكرة الباطلة خطأٌ تماماً وانخداع واختلال العقل. .. فهل هذا الأمر هو الوحيد في نظام العالم الذي يفوق عقول الحكماء والفلاسفة؟ وهل قد أحاطوا بسائر أسرار القدرة فهماً وإدراكا؟ فهل هذه هي العقدة الوحيدة التي لم تنحلّ بعد وقد فرغوا من حَل بقية العقد كلها؟ فهل هذا العمل هو الوحيد من عجائب أفعال الله تعالى دون غيره؟ كلا بل لو تدبرتم لوجدتم آلاف العجائب من أفعال الله في العالم. فالزلازل القوية العنيفة تضرب الأرض دوماً وأحياناً تنشق الأرض وتنقلب لعدة أميال ومع ذلك لا يحدث أي خلل في نظام العالم. مع أنه كما للقمر دخلٌ في هذا النظام، فللأرض مثله. باختصار؛ إن هذه الشبهات الناجمة عن الإلحاد تنشأ في قلوب الذين يزعمون أن الله تعالى ضعيف وعاجز ومحدود القوة مثلهم. .. فأنا أتساءل: لـّما كان النبي ﷺ قد نشر علناً في العامة أن معجزة انشقاق القمر ظهرت على يديه، وقد رآها الكفار بأم أعينهم وعَدوها سحرا، فإن لم يكن حضرته ﷺ صادقاً في دعواه هذه، فلماذا لزم الصمتَ معارضو النبي ﷺ المعاصرون الذين كانت قد بلغتْهم هذه الأخبار كصوت الناقوس؟ ولماذا لم يدينوا النبي ﷺ بقولهم: متى شققتَ القمر شقين ومتى وصفنا ذلك سحرا، ومتى أعرضنا عن قبوله؟ لماذا لزموا الصمت إلى الموت ولجموا ألسنتهم حتى خلوا من هذا العالم؟ ألم يكن صمتُهم المنافي تمامًا لوضْعهم المعارض وحماسهم للمواجهة، يؤكد على أنه كان هناك مانعٌ قوي عن الكلام. لكن أي مانع كان هناك سوى ظهور الصدق؟ فقد ظهرت هذه المعجزة في مكة، وكان المسلمون ما زالوا ضعافا وفقراء وعديمي الحيلة. ثم مما يزيد الاستغراب أن أبناءهم وأحفادهم أيضاً لم يفتحوا أفواههم للإنكار. مع أنهم لو كانوا قد وجدوا هذهَ الدعوى العظيمة- التي كانت قد انتشرت على بعد مئات الأميال- افتراءً، لوجب وتحتم عليهم أن يؤلفوا كُتباً لدحضها وينشروها في العالم. فلِمَ لَمْ يتجرأ أحد من مئات الألوف من النصارى والعرب واليهود والمجوس وغيرهم على الرد؟ ومعلوم أن المسلمين ظلوا يقدمون شهادة عيان أمام ألوف من الناس علناً، وشهاداتهم ما زالت مسجلة في الكتب التي أُلفت في ذلك العصر، فهذا يشكل دليلاً صريحاً على أن المعارضين رأوا انشقاق القمر بأم أعينهم حتًما ولم يكن لديهم أي مجال للرد، وهو الذي منَعهم من إثارة الشغب في الإنكار. ولـّما كانت معجزة انشقاق القمر قد اشتهرت في ملايين الناس في الزمن نفسه، فهم لم يتصدّوا لمواجهتها خجلاً. فمن هنا يتبيّن بجلاء أن صمت معارضي الإسلام في ذلك العصر يشكل برهانا على حدوث انشقاق القمر لا على بطلانه. .. وإضافة إلى هذه الأمور نكتب أن كتب الهندوس الموثوق بها أيضاً تتضمن الشهادة على حدوث انشقاق القمر. فقد كتب جناب بياس في "مها بهارتهه كى دهرم برب" أن القمر كان قد انشَقَّ في زمنه ثم اتصل. .. ويبدو أن شهرة هذا الحادث كانت سائدة في الهندوس في زمن مؤلف كتاب "تاريخ الملك" لأنه قد كتب في الباب الحادي عشر قول الهندوس المشهور أن الراجا كان جالساً على سطح قصره في مدينة "دهار" .. إذ رأى فجأة أن القمر قد انشق، وبعد البحث والتحري انكشف على ذلك الراجا أنها معجزة النبي العربي ﷺ فأسلم. فسكان تلك المنطقة يذكرون سبب إسلامه. وكان هذا الحادث مشهوراً في هندوس المناطق المجاورة. وبناء على ذلك سجَّله مؤلفٌ باحث في كتابه (أي تاريخ الملك). باختصار؛ إذا كان الخبر قد بلغ الراجاتِ في الهند وسُجل في كتاب السادة الأريا "مها بهارتهه" ويرى البانديت ديانند زمن هذه النصوص معاصراً لزمن النبي ﷺ، وتبينت حقيقة قانون الطبيعة أيضاً. وإذا كان لاله مرليدهر المحترم ما زال يشك في انشقاق القمر فسنظل نبدي أسفًا كبيرا على فهمه." (الكحل لعيون الأريا 26-32 بتصرف)

فالحادثة حصلت ولها معان عديدة استفاض في شرحها المُصْلِحُ المَوْعود رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في التفسير الكبير المنشور على الموقع.


 

خطب الجمعة الأخيرة