أخطاء الأنبياء ليست أمرا عشوائيا، ولكنه أمر خلفه حكمة ربانية، أدناها أن يُظهر الله تعالى أنه هو مصدر الوحي، وأن النبي متلقيه، وأن هنالك فارق بين النبوة والألوهية. ثم سرعان ما يتبين أن خلف أخطاء الأنبياء في الفهم أو التأويل قد ترتبت عليها فوائد عظيمة. والمهم أنه تعالى لا يترك أنبيائه على الخطأ بل يصحح لهم فهمهم بلا شك، ويجعل العاقبة حسنة، والأمثلة على ذلك عديدة، ومثال ذلك خطأ سيدنا نوح عليه السلام في ظنه أن ابنه من أهله وتصحيح الله تعالى له. أما بالنسبة إلى الرسول ﷺ فنكتفي بمثالين:
١. "عَن النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أُهَاجِرُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى أَرْضٍ بِهَا نَخْلٌ فَذَهَبَ وَهَلِي إِلَى أَنَّهَا الْيَمَامَةُ أَوْ هَجَرُ فَإِذَا هِيَ الْمَدِينَةُ يَثْرِبُ." (صحيح البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة)
٢. "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا أُرِيتُكِ فِي الْمَنَامِ مَرَّتَيْنِ أَرَى أَنَّكِ فِي سَرَقَةٍ مِنْ حَرِيرٍ وَيَقُولُ هَذِهِ امْرَأَتُكَ فَاكْشِفْ عَنْهَا فَإِذَا هِيَ أَنْتِ فَأَقُولُ إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ يُمْضِهِ." (البخاري)
ولا يعني قوله: " إِنْ يَكُ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ" أنه يشك في أن هذه الرؤيا من الله أو من الشيطان، والعياذ بالله، بل يعني أنه إذا كان ظاهر الرؤيا هو ما يريده الله فإنه يحققه، وأما إن كان لها تفسير آخر فالله أعلم به.
وهناك أمثلة أخرى، لكن نكتفي بهذين المثالين.