loader
 

السؤال: ما المراد من قول المسيح الموعود عليه السلام 'كنفس العرش والعقول المجردة' (كرامات الصادقين، ص 74-77)

هذا هو النص من كتاب كرامات الصادقين: 

"وحقيقة العرش واستواء الله عليه سِرٌّ عظيم من أسرار الله تعالى وحكمةٌ بالغة ومعنى روحاني، وسُمِّيَ عرشًا لتفهيم عقول هذا العالم ولتقريب الأمر إلى استعداداتهم، وهو واسطة في وصول الفيض الإلهي والتجلي الرحماني من حضرة الحق إلى الملائكة، ومن الملائكة إلى الرسل. ولا يقدَح في وحدته تعالى تكثُّرُ قوابلِ الفيض، بل التكثر ههنا يوجب البركات لبني آدم، ويعِينهم على القوة الروحانية، وينصرهم في المجاهدات والرياضات الموجبة لظهور المناسبات التي بينهم وبين ما يصلون إليه من النفوس كنفس العرش والعقول المجردة إلى أن يصلوا إلى المبدأ الأول وعلّة العلل، ثم إذا أعان السالك الجذبات الإلهية والنسائم الرحمانية فيقطع كثيرا من حجبه، وينجيه من بعد المقصد وكثرة عقباته وآفاته، ويُتَوِّرُه بالنور الإلهي ويدخله في الواصلين. فيكمل له الوصول والشهود مع رؤيته عجائب المنازل والمقامات، ولا شعور لأهل العقل بهذه المعارف والنكات، ولا دخل للعقل فيه والاطلاع بأمثال هذه المعاني، إنما هو من مشكاة النبوة والولاية، وما شمَّ العقلُ رائحتها، وما كان لعاقل أن يضع القدم في هذا الموضع إلا بجذبة من جذبات رَبِّ العالمين."

المقصود بالنفوس إنما هي الدرجات النفسية الروحية التي يترقى إليها السالك، والتي تصاحبها أيضا تطورات في القوى العقلية، فيترقى الإنسان روحيا للوصول إلى الله تعالى، وتتقوى حججه العقلية بصورة مكافئة أيضا إلى أن يصل إلى الله تعالى. أما العقل وحده، فهو لا يوصل إلى الله تعالى، بينما الترقي الروحي ينور العقل ويقويه.


 

خطب الجمعة الأخيرة