loader
 

الرد الشامل على مقال في جريدة صوت الحق والحرية

بسم الله الرحمن الرحيم نحمده ونصلي على رسوله الكريم وعلى عبده المسيح الموعود
ا

لرد الشامل على مقال في جريدة صوت الحق والحرية


نشرت صحيفة صوت الحق والحرية مقالة ضدّ جماعتنا الإسلامية الأحمدية بعنوان "من قرارات المجامع الفقهية، حكم القاديانية والانتماء إليها"، وهي تتضمن كثيرا من الأكاذيب التي أَلِفتْ المجامع تكرارها ضدنا، والمبنية على الكذب الصريح أو الاقتطاع من السياق أو التشويه المتعمد. ولقد أصبحت هذه الأكاذيب الآن مفضوحة مكشوفة وعفى عليها الزمن، ومن المؤسف أن يستمروا بتكرارها ويجلبوا على أنفسهم الخزي والحرج. وفيما يلي ردّ شامل على كل ما ورد فيه
لقد نسب المقال إلى المسيح الموعود عليه السلام أنه ادعى:
1: أنه نبي يوحى إليه:
الردّ: أمّا أنه يوحى إليه فهذا حقّ مبين. ولكنه ليس وحيا فيه تشريع، لأنه وحي التشريع قد انقطع بوفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما أن حضرته ادّعى أنه نبي، فهذا يحتاج توضيحا، فعامة الناس يفهمون من النبوة تلك النبوة التي فيها شريعة جديدة أو النبوة المستقلة على نمط الأنبياء السابقين قبل النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا قد نفاه المسيح الموعود عليه السلام كل النفي، وبيّن أن الشريعة الإسلامية هي آخر الشرائع، وأن باب النبوة المستقلة كنبوة الأنبياء السابقين مغلق إلى الأبد، وأن هذا الباب المغلق يمنع عودة نبي سابق أيضا؛ ومن خلال ذلك نفى عودة المسيح عليه السلام. فحضرته عليه السلام نفى النبوة المعروفة مع أن عامة المسلمين ينسبونها للمسيح عند نزوله من السماء حسب ظنّهم. لكن حضرته قال بالنبوة التابعة الخادمة للشريعة الإسلامية، والتي "لا تعني إلا كثرة المكالمة والمخاطبة"، وبيّن حضرته بوضوح "أنّ رسولَنا خاتَمُ النبيين، وعليه انقطعت سلسلةُ المرسلين. فليس حقُّ أحدٍ أن يدّعي النبوّة بعد رسولنا المصطفى على الطريقة المستقلّة، وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة، وهو بشرط الاتّباع لا بغير متابَعَةِ خيرِ البريّة". (الاستفتاء). وتابع حضرته يقول: "وواللهِ ما حصل لي هذا المقام إلا من أنوارِ اتّباعِ الأشعّة المصطفوية، وسُمّيتُ نبيًّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة. فلا تهيج ههنا غيرةُ الله ولا غيرةُ رسوله، فإني أُرَبَّى تحت جناح النبيّ، وقدمي هذه تحت الأقدام النبويّة. ثم ما قلتُ من نفسي شيئًا، بل اتّبعتُ ما أُوحِيَ إليّ من ربّي. وما أخاف بعد ذلك تهديدَ الخليقة، وكلُّ أحدٍ يُسأَل عن عمله يوم القيامة، ولا يخفى على الله خافيةٌ". (الاستفتاء)
لذا فإن القول إن حضرته ادّعى النبوة من غير توضيح فيه تدليس. فنبوته ليست النبوة المعهودة المعروفة، بل هي المحدَّثية، وأهم ما في الأمر مضمونها وليس اصطلاحها.
2: أنه المسيح الموعود:
الردّ: هذا حق، وقد أكّد حضرته على ذلك عشرات المرات في مختلف كتبه وأقوال بما لا يدع مجالا للشك. لذا فإنّ مَن لديه بذرة من الخير يهتمّ بالأمر ويبحث في هذه الدعوى بجدّ واجتهاد.
3: أن النبوة لم تختم بسيدنا محمد بن عبد الله رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم.
الردّ: هذا كذب، فسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، وقد أكّد المسيح الموعود عليه السلام على ذلك مرارا. والذين يتهمون حضرته بنقض ختم النبوة هم الذين يؤمنون بمجيء نبي من بني إسرائيل بعد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم لينسخ بعض أحكام الشريعة الإسلامية. وهذا عندنا هو الذي ينقض ختم النبوة ويسيء إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
يقول المسيح الموعود عليه السلام:
"تذكروا هنا جيدا أن التهمة التي تُلصَق بي وبجماعتي أننا لا نؤمن بكون رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتَم النبيين، إنما هي افتراء عظيم علينا. إن القوة واليقين والمعرفة والبصيرة التي نؤمن ونتيقن بها بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء، لا يؤمن الآخرون بجزء واحد من المائة ألف جزء منها، لأن ذلك ليس بوسعهم. إنهم لا يفهمون الحقيقة والسر الكامن في مفهوم ختم النبوة لخاتم النبيين. لقد سمعوا هذه الكلمة من الآباء والأجداد ولا يعرفون حقيقتها ولا يعرفون ما هو ختم النبوة وما هو المراد من الإيمان به. ولكننا نؤمن بكون النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين بالبصيرة التامة التي يعلمها الله. لقد كشف الله تعالى علينا حقيقة ختم النبوة بحيث نجد من شراب المعرفة الذي سُقينا إياه لذةً لا يتصورها أحد إلا الذين سُقُوا من هذا النبع." (الملفوظات ج1 ص 342)

معنى "خاتم النبيين" على ضوء اللغة وخصوصيتُه
"خاتم النبيين" تعني أفضلهم وأكملهم وهو الذي قد وصل إلى الكمال في النبوة بحيث لا يصل إلى مرتبته أحد ممن كان قبله أو ممن سيأتي بعده. وهو من جَمَع أفضل آثار الأنبياء السابقين ومن ثم صاغها في أزين صورة، ثم ترك أثره وطابعه فيمن جاء بعده.
إلا أن لختم النبوة خصوصية يمكن فهمها من خلال ما يلي:
أولا: إن هذا اللقب قد أطلقه الله تعالى على الرسول صلى الله عليه وسلم وهذا يعني أنه لقب ثابت دائم لا يمكن أن يزول، كما لا يمكن أن يشاركه فيه أحد، فهو خاتم النبيين مطلقا. بينما يحتمل أن يسمى أكثر من إنسان خاتم الشعراء أو خاتم الأولياء أو خاتم المحققين. وهذا لأن اللقب قد أطلق عليه من قِبل البشر من خلال مقارنته بغيره في زمنه أو في محيطه، وهو محدود ونسبي بسبب علمهم المحدود.
ثانيا: بما أن خاتمية الرسول صلى الله عليه وسلم هي خاتمية دائمة مطلقة، فإن هذا يعني أنه لم يكن قبله نبي كمثله؛ كما لا يمكن أن يأتي بعده نبي كمثله مطلقا.
ثالثًا: وحيث إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بُعث بدين الإسلام من الله تعالى، فإن خاتميته المطلقة تقتضي أن يكون دينه هو الأكمل، وكتابه هو الأكمل، وشريعته هي الأكمل، وأمته هي الأكمل.
رابعًا: بما أن الإسلام هو الدين الكامل والقرآن هو الكتاب الكامل وأمته هي الأمة الكاملة، فلا دين بعد الإسلام، ولا كتاب بعد القرآن، ولا أمة بعد الأمة الإسلامية. ولهذا فإنه لن يأتي الآن نبي بدين جديد، ولا بكتاب جديد، ولا بأمة جديدة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم.
فهل يمكن أن يأتي نبي بحيث يكون أدنى منـزلة من الرسول صلى الله عليه وسلم؟ وهل يمكن أن يأتي نبي يكون تلميذًا له صلى الله عليه وسلم، ولا يأتي بدين ولا كتاب ولا بأمة جديدة؟ وماذا سيفعل إن لم يأتِ بدين أو كتاب أو لم يقم بتأسيس أمة جديدة؟ الجواب نعم بالطبع، وهذه هي الصفة الغالبة على معظم النبيين. فقليل جدا منهم من جاء بدين جديد وشرع جديد، وقليل منهم من أنشأ أمة جديدة، وإنما جاء معظمهم لتجديد الدين السابق وإعادة الناس إلى دينهم الأصلي. وبمراجعة تاريخ الأنبياء يتضح هذا جليا.
خامسًا: إن خاتمية النبوة تفرض أن يخضع كل نبي يأتي بعد النبي صلى الله عليه وسلم لدينه وأن يلتزم بكتابه وشريعته وأن يكون من أمته، ولن يظهر نبي مستقل خارج هذا النطاق مطلقا.
سادسًا: إن خاتمية النبوة تفرض أن يكون هنالك من يصلون إلى مقام النبوة في الأمة الإسلامية كدليل على كمال الأمة الذي هو أحد ركائز ختم النبوة. وليس مقبولا مطلقا أن يقال بأن الأمة ستكون أفضل الأمم وأرفعها بينما لا يصل أفرادها إلى الدرجات العليا التي كان يصلها من كان قبلهم. فأي أفضلية بقيت في هذه الأمة إذن؟!
وهكذا نجد أن مفهوم خاتم النبيين يحدد ملامح النبوة بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بشكل واضح وجلي. وهذا المفهوم ما كان إلا لكي يبين علو شأن النبي بين الأنبياء من ناحية، واستمرار النبوة من بعده من ناحية أخرى وعدم انقطاعها. ولكن النبوة قد قُيدت بشروط لم تكن موجودة سابقا، وأصبحت محصورة في الأمة الإسلامية.
وبالعودة إلى القرآن الكريم سنجد أن كل هذه الاستنتاجات متوافقة معه تماما.
إن لقب "خاتم النبيين" قد ذكره الله في القرآن الكريم في سورة الأحزاب، حيث يقول تعالى:
{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا} (الأحزاب 41)
لقد وردت هذه الآية في معرض الإشادة بالرسول وذكر سموه ورفعته ومكانته. ومن أهم وجوه التفسير المقبولة لهذه الآية هي ما يلي:
الأول: نفي صفة (أبتر) عنه صلى الله عليه وسلم، وهي التي كان الكفار يعيّرونه بـها، حيث جعله اللهُ تعالى أبا للمؤمنين جميعا، بصفته رسول الله، كما جعله أبا للأنبياء جميعا، بوصفه خاتمهم، أي أفضلهم وأكملهم وسيدهم.
إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس له أبناء من الرجال من صلبه، ولكنه ليس بأبتر؛ بل عوضا عن هذه الأبوة المادية فهو أبٌ للمؤمنين وهو أولى بهم من أنفسهم وهو أبوهم وأزواجه أمهاتهم. وهذا ما يؤكده القرآن الكريم في نفس سورة الأحزاب التي تتضمن آية خاتم النبيين، حيث يقول تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (الأحزاب 7).. وكونه صلى الله عليه وسلم في تلك المنـزلة بالنسبة للمؤمنين، فالأمر لا يقتصر على ذلك، فأبوته تمتد إلى النبيين أيضا بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
الثاني: انقطاع أبوته بالدم لأي كان، واتصاله بالمؤمنين برابطة الأبوة الروحية التي شرطها الخضوع له، كما أن النبيين خاضعون له بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس برجل عادي منكم، وهو ليس ملزما بكم برابطة لا انفكاك منها كرابطة الأبوة بالدم، ولن يكون مرتبطا بكم بأية رابطة إن لم تكونوا تابعين له وخاضعين له خضوع الولد الصالح لأبيه. وهذا ما ينطبق على كل المؤمنين وينطبق على النبيين أيضا. فالأنبياء خاضعون له بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
الثالث: تساوي المؤمنين في انقطاع أبوته بالدم لأيٍ كان، وفتح باب التنافس أمامهم لكي تنالهم بركات النبوة بهذه الأبوة الجديدة بصفته أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
إن النبي صلى الله عليه وسلم ليس بأبي أحد من رجالكم، أي أنه ليس له أبناء يحوزون شرف أبوته صلى الله عليه وسلم لهم وينالون بركات النبوة منه بالدم وتكون لهم بهذا ميزة لا تكون لغيرهم من المسلمين. ولكن المجال مفتوح أمام المؤمنين ليحصلوا على هذه البركات بصفته صلى الله عليه وسلم أفضل النبيين وأكملهم وسيدهم.
وهكذا نرى أن هذه المعاني تلائم هذه الوجوه وتزيد التفسير وضوحا وجمالا.
كذلك فإن هذه المعاني تشير إلى إمكانية بل وجوب بعثة الأنبياء في الأمة الإسلامية بسبب صفة خاتم النبيين. ففي النقطة الأولى سيصبح بقاء النبوة لازما لنفي صفة الأبتر عن الرسول، وفي الثانية فإن ظهور الأنبياء الخاضعين له سيكون سببا في رفعة منـزلته، أما الثالثة فإنها تبيّن أن الخاتمية تفرض أن تنال الأمة بركات النبوة ومنـزلتها.
الفهم التقليدي لخاتم النبيين
يصرّ الفهم التقليدي على أن "خاتم النبيين" تعني "آخر النبيين". فما مدى صحة ذلك؟
كما رأينا سابقا، فإن إضافة "خاتم" إلى جمع العقلاء لا تتضمن معنى الآخرية مطلقا. وإن استُخدمت هذه الصيغة بمعنى الآخرية فستقابَل بالرفض بداهة من كل من يعرف العربية.
يروي حضرة مرزا طاهر أحمد - رحمه الله - الخليفة الرابع للإمام المهدي عليه السلام، أنه في سنوات دراسته الجامعية بلندن كان له أستاذ مصري يدرسه اللغة العربية. وفي إحدى المرات كتب حضرته في موضوع عن الدولة الأموية ما يلي: "كان مروان بن محمد خاتم خلفاء بني أمية". فقال له أستاذه: لا، هذا ليس بصحيح. اكتُبْ "كان مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية". فابتسم حضرته وقال لأستاذه: إذن لماذا تصر على أن معنى "خاتم النبيين" هو آخرهم!
وبالمثل نستطيع أن نقول "إن هارون الرشيد هو خاتم خلفاء بني العباس"، وهذا القول سيكون مقبولا من السامع وسيلقى استحسانا، لأن هارون الرشيد كان أعظم خلفاء بني العباس، وقد أرسى قواعد الدولة وتميز في نواح شتى. ولكن لو قلنا أن المستعصم كان خاتم خلفاء بني العباس، بصفته آخرهم، فإن السامع لن يتقبل ذلك أبدًا.
المعنى السياقي لـ "خاتم النبيين"
لقد وردت هذه الآية الكريمة في سياق الحديث عن زواج النبي صلى الله عليه وسلم من مطلَّقة زيد. وقد اعتُرض على هذا الزواج باعتباره زواجا من مطلقة الابن، فجاءت هذه الآية لتنفي أبوته الجسدية صلى الله عليه وسلم لأحد من الرجال. ولما كان هذا التعبير مما يمكن أن يساء فهمه، وسط محيط يسخر ممن لم يبقَ له أي أبناء ذكور، كان لا بدّ من الاستدراك، فجاءت جملة (رسول الله وخاتم النبيين) بعد (لكن) لتزيل هذا الفهم الذي يتبادر إلى ذهن البعض، ولتقول: إنه أبوكم جميعا روحيا، بل أبو الأنبياء أيضا.
بينما لو فسرناها بمعنى الآخر، لما كان لها أي معنى في هذا السياق؛ وإلا فما معنى: إنه ليس أبًا لأحد منكم جسديًّا، ولكنه أبوكم روحيا وآخر نبي؟ أين العلاقة بين ما قبل حرف الاستدراك (لكن) وما بعده؟ وهل الأبوة تتنافى مع النبوة؟ وهل كونه صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين يقتضي ألا يكون أبا لأحد من الرجال؟! ثم إذا كان القرآن الكريم يريد أن يذكر أن سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم هو آخر نبي مبعثا، فلماذا يذكره في هذا السياق وبهذه الصورة؟ لماذا لم يعلن القرآن الكريم انقطاع النبوة بشكل واضح وقاطع وفي سياق ملائم؟
إن من يفسر (خاتم النبيين) بأفضلهم وأكملهم وأبيهم روحيا، يكون قد رأى أن الجنس المشترك بين العبارة المنفية قبل (لكن) والعبارة المثبتة بعدها هو الأبوة، فالعبارة الأولى تنفي الأبوة الجسدية، والعبارة الثانية تثبت الأبوة الروحية للمؤمنين وللأنبياء. أما من فسر (خاتم النبيين) بآخرهم اصطفاء، فأنى له أن يجد جنسا مشتركا يجمع بين العبارتين؟
4: أنه قد نزل عليه وأوحي إليه أكثر من عشرة آلاف آية.
الردّ: لقد أوحي إلى المسيح الموعود عليه السلام الكثير من الوحي، وقد جُمع بعد وفاة حضرته في كتاب أُطلق عليه التذكرة. ولكن ليس فيه عشرة آلاف آية، ولا نُطلق على الوحي النازل عليه آيات، ولا نرى أنه كتاب مقدس، ولم ينزله الله تعالى هذا الوحي ليكون كتابا مقدسا، ولم ينزل فيه أي أحكام جديدة، بل هذا الوحي يؤكد على عظمة الله ورسوله وكتابه القرآن الكريم وأحكامه ووجوب التقيد به.
5: أن من يكذِّبه كافر.
الردّ: الذي يكذِّب المسيح الموعود عليه السلام هو كمن يكذِّب أي نبي.. فالذي يكذِّب المسيح من اليهود كافر، ولكن يظل اسمه يهودي، والذي يكذِّب أي نبي من المسلمين يصبح كافرا، مع أنه يظلّ يحمل اسم مسلم ما دام يشهد الشهادتين.
6: وأن المسلمين يجب عليهم الحج إلى قاديان لأنها البلدة المقدسة كمكة والمدينة، وأنها هي المسماة في القرآن بالمسجد الأقصى.
الردّ: لو كنا نعتبر الحج إلى قاديان كما يزعم المفترون، لما ذهب الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام للحج في عام 1912، ولما ذهب ظفر الله خان -وهو الابن البار البطل للجماعة الإسلامية الأحمدية- للعمرة ضيفًا على الملك فيصل. ولو كان افتراؤهم صحيحا ما ذهب العديد من الأحمديين للحج رغم منع الحكومات والسلطات من ذلك، حيث يُلقى القبض على بعض الأحمديين وهم في الحج؛ فقد ألقي القبض في أوائل السبعينيات على شودري محمد شريف مع زوجته، وسجنوهما شهورا منفصلين، وهما من كبار السن، وقد هددوهما بالقتل، فقال لهم هذا السجين المظلوم: افعلوا ما شئتم. وكان قد وشى بهما أحد كبار معارضينا في باكستان، وهو الشيخ منظور الشنيوتي. وقد اعتاد المشايخ البحث عن الأحمديين في الحج، ليخبروا السلطات هناك باعتقالهم، فلو كانوا ينكرون هذه الفريضة فهل يخاطرون بحياتهم وحريتهم؟
ثم كيف يبتدع المسيح الموعود عليه السلام حجًّا وهو الذي أكد مرارا على أن الشريعة الإسلامية كاملة ولا نسخ فيها إلى الأبد؟ كيف له عليه السلام أن ينسخ الجهاد أو يغير الحج أو أي حكم وهو الذي نادى بكمال الإسلام وكمال الرسول وكمال القرآن الكريم وتنزيهه عن النسخ كله؟
يقول حضرته: "ونعتقد بأن الصلاة والصوم والزكاة والحج من فرائض الله الجليل، فمن ترَكها متعمدا غيرَ معتذر عند الله فقد ضل سواء السبيل." (مواهب الرحمن ص56)
ويقول حضرته عليه السلام: "وهنالك نوع آخر من العبادة وهو الحج. ولكن يجب ألا يكون الحج حجًّا ظاهريا فقط؛ بأن يأخذ الإنسان ما جمع من حلال وحرام من المال، ويتجه إلى بيت الله الحرام بالباخرة أو غيرها، ويردد بلسانه فقط ما يردد الناس هنالك، ثم يرجع ويفتخر بأنه الحاج. كلا، فليس الغرض الذي من أجله وضع الله الحج أن يحصل هكذا، والحق أنه من آخر مراحل العبادة والسلوك أن ينقطع الإنسان عن نفسه، ويعشق ربه، ويغرق في بحر حبه. فالمحب الصادق يضحى بقلبه ومهجته. والطواف ببيت الله الحرام رمز لهذه التضحية وهذا الفداء. وكما أن هناك بيتا لله تعالى على الأرض فكذلك هنالك بيت لله في السماء، وما لم يطف به الإنسان لا يصح طوافه". (خطبات الاجتماع السنوي سنة 1906)
ويقول عليه السلام: "فيا جميع أولئك الذين تحسبون أنفسكم جماعتي لن تُعدّوا جماعتي في السماء إِلاّ حين تسلكون سبل التقوى بالحق، لذلك فأقيموا صلواتكم الخمس بالخشوع وحضور القلب كأنكم ترون الله، وأتمّوا صيامكم لله بالصدق، وكل من وجبت عليه الزكاة فلْيؤدّها، ومن فُرض عليه الحج ولا مانع له فليحجّ". (سفينة نوح، الخزائن الروحانية مجلد 19 ص 15)

7: قول الصحيفة: كل ذلك مصرح به في كتابه الذي نشره بعنوان " براهين أحمدية " وفي رسالته التي نشرها بعنوان " التبليغ ".
الردّ: هذا من الكذب الكبير، فالبراهين الأحمدية كتاب شهير وقد تُرجم إلى العربية، وهو في طور المراجعة اللغوية، وليس فيه أي شيء من هذه الأكاذيب. وحين ألّفه حضرته قرّظه كبار العلماء، فهذا المولوي محمد حسين البطالوي، زعيم فرقة أهل الحديث، قد نشر في جريدته "إشاعة السُنَّة"، تعليقا على الكتاب بلغ ما يقرب من مائتي صفحة، وذلك في المجلد السابع من الجريدة، بدءا من العدد السادس حتى العدد الحادي عشر. وكان مما ذكره في افتتاحية التعليق ما يلي:
"إن عظمة هذا الكتاب ونفعه للإسلام، سوف يتجلى لمن يقرأه بعقل مُتفتح، أو من يطلع على تعليقنا عليه. وعلى ذلك.. وبناء على قوله تعالى: {وَهَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ الإِحْسَانُ} فإن واجب المساهمة في نفقات طبع ونشر هذا الكتاب، يقع على الأمة الإسلامية بأسرها. إن مؤلف البراهين الأحمدية قد حفظ شرف المسلمين، وتحدى أعداء الإسلام بقوة وبراعة. لقد أعلن للعالم أجمع أن من لديه أدنى شك في صدق الإسلام، فعليه أن يأتي إليه، ويرى بنفسه الحقائق والأدلة العقلية والروحية التي تنبثق من القرآن.. ويرى المعجزات البيِّنة لمحمد صلى الله عليه وسلم تأييدا لصدق الإسلام."

8: قول الصحيفة: واستعرض مجلس المجمع أيضا أقوال وتصريحات ميرزا بشير الدين بن غلام أحمد القادياني وخليفته، ومنها ما جاء في كتابه المسمى " آينة صداقت " من قوله " أن كل مسلم لم يدخل في بيعة المسيح الموعود " أي والده ميرزا غلام أحمد " سواء سمع باسمه أو لم يسمع هو كافر وخارج عن الإسلام "" الكتاب المذكور صفحة 35
الردّ: أجبنا على تهمة التكفير، فنحن لا نكفِّر أحدا، لكننا نوضح حقيقة من يكفُر بنبي. والمشكلة أنهم يكفروننا ثم يحتجون أننا نكفّرهم، فعلى فرض أننا نكفِّرهم فما الذي يُحزنهم ما دمنا كفارا؟
9: قول الصحيفة: وقوله أيضا في صحيفتهم القاديانية " الفضل " فيما يحكيه هو عن والده غلام أحمد نفسه إنه قال : " إننا نخالف المسلمين في كل شيء: في الله، في الرسول، في القرآن، في الصلاة، في الصوم، في الحج، في الزكاة، وبيننا وبينهم خلاف جوهري في كل ذلك " صحيفة " الفضل " في 30 من تموز " يوليو " 1931م .
الردّ: هذه العبارة قيلت في سياق الردّ على أحمدي قال بأنه لا فرق كبيرًا بيننا وبين غيرنا من المسلمين، فما دمنا جميعا نؤمن بالله ورسوله وكتابه، وما دمنا نصلي الصلوات ذاتها ونصوم رمضان نفسه ونحج الكعبة نفسها ونزكي بنفس الطريقة، فليس هنالك فرق كبير. وهذا الأحمدي يتحدث في سياق أن المسيح الموعود عليه السلام لم يبتدع دينا جديدا، بل لم يأتِ بحكم جديد.
ورغم أن هذا القول صحيح من باب، لكنه ليس صحيحا من باب آخر، ذلك أن المسيح الموعود عليه السلام قد فنّد كثيرا من الأخطاء التي وقع فيها المسلمون عبر تاريخهم، فكأن كل شيء قد صار عندهم خاطئا ولا علاقة له بالإسلام، وكأن المسيح الموعود عليه السلام قد جاء بالإسلام مرة أخرى.
فهنا صحّح الخليفة الثاني هذا الفهم الخاطئ، ذلك أن الخلاف بيننا وبين غيرنا من المسلمين كبير جدا، فتصورهم عن الله فيه خطأ كبير، فهو عندهم لم يعُد يتكلم، ولم يعد يستجيب الدعاء، وفي عقائدهم تشبيه وتجسيم، ويظنون بالله ظن السوء، حيث يرى كثير منهم أنه يعمل على إضلال الناس، وإلا فكيف يعطي الدجال معجزات كبيرة، بحيث يحيي الموتى وينـزل المطر؟
ونحن نخالفهم في الرسول؛ فهو عندنا آخر نبي تشريعي، ولن يأتي أي نبي يستدرك عليه، بينما يؤمنون هم أن عيسى عليه السلام سينـزل لينسخ الحرية الدينية.. وبينما نؤمن نحن أن فيوض النبي صلى الله عليه وسلم مستمرة إلى يوم القيامة، يرون هم أنه صلى الله عليه وسلم لم ينجح في ذلك، لذا سيبعث الله نبيا من أمة أخرى لإصلاح أمة القرآن.
ونحن نخالفهم في القرآن الكريم؛ فهو عندهم يحوي ثلاث أنواع من النسخ، بينما عندنا منـزه عن ذلك كله..
وجوهر صلاتنا هو الخشوع والدعاء والتذلل إلى الله تعالى، وليس مجرد حركات روتينية.
وصلاتنا وصيامنا ينهياننا عن الفحشاء والمنكر. فرغم أن الصلاة والصوم والحج والزكاة تتشابه مع صلاتهم وصيامهم وحجهم وزكاتهم من ناحية شكلية، لكن المضمون فيه اختلاف جوهري.

10: قول الصحيفة: جاء أيضا في الصحيفة نفسها " المجلد الثالث " ما نصه " إن ميرزا هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم " زاعما أنه هو مصداق قول القرآن حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام سورة الصف الآية 6: ﴿ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ٌ﴾ كتاب إنذار الخلافة ص 21 ".
الردّ: هناك من الآيات ما تحمل أكثر من معنى في الوقت نفسه، وهذه إحداها. فهي تنطبق على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى المسيح الموعود عليه السلام. فقول الله عز وجل على لسان عيسى بن مريم وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ هي نبوءة عن بعثة نبي بعد المسيح الناصري عليه السلام، والمقصود بـ "أحمد" فيها هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، لأن هذا هو اسمه الصفاتي. كما أنه يمكن تفسير المقصود بـ "أحمد" أنه سيدنا المسيح الموعود لأن هذا هو اسمه الذاتي.. ثم إنه ظِلٌّ لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
يقول المسيح الموعود عليه السلام في هذه الآية: "لقد سُمِّي النبي صلى الله عليه وسلم باسم آخر وهو أحمد، كما تنبأ به المسيح الناصري عليه السلام قائلا: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ. وفي ذلك إشارة إلى أنه صلى الله عليه وسلم يكون أكثر الناس حمدا لله تعالى. الحق أن الإنسان يمدح شخصا إذا نال منه شيئا، وكلما زاد نواله منه زاد في حمده. فمثلا إذا أعطيت أحدا قرشا فسيمدحك بِقَدَرِه، وإذا أعطيته ألف دينار فسيمدحك بقدرها. فيتبين من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس نوالا لأفضال الله تعالى. فالحق أن في هذا الاسم نبأً أن صاحب هذا الاسم سوف ينال أفضال الله تعالى كثيرا جدًّا جدًّا (جريدة الحكم؛ مجلد 5، عدد 17-1-1901، ص4)
ويقول عليه السلام في موضع آخر: إن الله تعالى قد برهن على موت المسيح الناصري، ولكن من المؤسف جدا أن هؤلاء الناس يعتبرونه حيا إلى الآن، وبذلك يثيرون فتنا كثيرة في الإسلام؛ إذ يعتبرون المسيح حيًّا وقيّومًا في السماء، ويعتبرون النبي صلى الله عليه وسلم ميتا ومدفونا في الأرض، مع أنه قد وردت شهادة المسيح نفسه في القرآن الكريم: وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ. إذن، فإذا كان المسيح عليه الصلاة والسلام لم يُتوفَّ بعد، فكيف يمكن أن يُبعث نبينا صلى الله عليه وسلم في الدنيا؟ النص صريح في أن المسيح عليه الصلاة والسلام عندما يموت وينتهي من هذا العالم المادي، سيُبعث النبيّ صلى الله عليه وسلم في هذه الدنيا، لأن الآية تُبيّن أن الإتيان مشروط بالذهاب (إتيان الرسول مشروط بذهاب المسيح وموته). (مرآة كمالات الإسلام، ص42)
ويقول عليه السلام في مكان آخر: وفي هذه الآية وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ إشارة إلى أنه في آخر الزمان سوف يُبعث ظلٌّ للنبي صلى الله عليه وسلم، ويكون بمثابة يده اليمنى، وسوف يُسمّى في السماء بأحمد، وسوف ينشر الإسلام بصورة جمالية كما نشر المسيح الناصري عليه السلام الدين بصورة جمالية (ضميمة التحفة الغولَرْوِيّة، ص21)
ويقول عليه السلام: إن للرسول صلى الله عليه وسلم بعثتين؛... والبعثة الثانية جمالية (التحفة الغولَرْوِيّة، ص96)
أما الخليفة الثاني  فيقول تحت عنوان: عقيدتي عن نبوءة اسمه أحمد:
إن عقيدتي حول هذه النبوءة أنها نبوءة ذات شقين: نبوءة عن الظل ونبوءة عن الأصل.. أما النبوءة المتعلقة بالظل فهي عن المسيح الموعود عليه السلام، وبينما النبوءة الأصلية هي عن النبي صلى الله عليه وسلم، غير أن هذه النبوءة تخبر عن الظلّ بصراحة، والخبر عن الظلّ يستلزم النبوءة عن الأصل حتمًا. لأن وجود النبي الظلّي يقتضي وجود النبي الأصلي، لذا يُستمد من هذه الآية خبرٌ عن نبيٍّ يستفيض بفيوض النبي الذي هو الأصل. وبما أن النبي صلى الله عليه وسلم ليس نبيًّا ظليًّا، بل هو الأصل، فلم يأخذ الفيض من غيره، بل الآخرون هم من يأخذون منه الفيض؛ والقول أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الفيوض من الآخرين يُعتبر إهانةً له، وبناء على ذلك وعلى أدلة أخرى، فإنني أعتقد أن المصداق الأول لهذه النبوءة هو المسيح الموعود عليه السلام الذي هو ظلٌّ للنبي صلى الله عليه وسلم ومثيل للمسيح الناصري عليه السلام.
بيد أني أرى أن هذه نبوءةٌ لم يحدد أي نبي معناها من خلال الإلهام، فاعتقادي عن هذه النبوءة لا يزيد عن كونه بحثا اجتهاديا، فلو فسر أحد هذه النبوءة بغير هذا المعنى فيمكن أن نقول له بأنه مخطئ، ولن نقول أنه خارج عن الأحمدية أو أنه مذنب. إذًا، هذه ليست قضية نعطيها أهمية بالغة من ناحية دينيّة. (آئينه صداقت (مرآة الصدق)؛ مجلد 6 من أنوار العلوم، ص111)
أما العبارة المشار إليها للخليفة الثاني في كتابه (أنوار الخلافة) فقد وردت ضمن موضوع طويل يثبت فيه حضرته أن "أحمد" ليس اسمًا ذاتيًّا لحضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، بل هو اسم صفاتي له، أما المسيح الموعود فإن "أحمد" هو اسمه الذاتي. وفي كتابه (مرآة الصدق) الذي اقتبسنا منه آنفًا، يبين اعتقاده حول تفسير هذه النبوءة.

11: قول الصحيفة: واستعرض المجلس أيضا ما كتبه ونشره العلماء والكتاب الإسلاميون الثقات عن هذه الفئة القاديانية الأحمدية لبيان خروجهم عن الإسلام خروجا كليا.
الردّ: من هم هؤلاء الثقات الذين ثبت لنا مرارا أنهم لا يتورعون عن الكذب أو عن التحدث بكل ما سمعوا من دون تحرٍّ، وكفى بالمرء كذبا أن يحدث بكل ما سمع. لذا فليسوا ثقة، ولا من يحدث بكل ما سمع عنهم.

12: قول الصحيفة: وبناء على ذلك اتخذ المجلس النيابي الإقليمي لمقاطعة الحدود الشمالية في دولة باكستان قرارا في عام 1974م بإجماع أعضائه يعتبر فيه الفئة القاديانية بين مواطني باكستان أقلية غير مسلمة. ثم في الجمعية الوطنية " مجلس الأمة الباكستاني العام لجميع المقاطعات وافق أعضاؤها بالإجماع أيضا على اعتبار فئة القاديانية أقلية غير مسلمة ".
الردّ: ما علاقة البرلمانات بعقائد الناس؟ وهل هذه وظيفة البرلمان؟ هذا يفسّر خراب باكستان الذي لم يسبق له مثيل.
13: تهمة إلغاء الجهاد:
الردّ: أما تهمة نسخ الجهاد فهي كذب محض، ولكن لما كان كثير من المسلمين قد وقعوا في أكثر من خطأ في تناول فريضة الجهاد العظيمة، وأول هذه الأخطاء الظنّ أن الإسلام يأمر بقتال الكفار جميعا، سواء كانوا مسالمين أم محاربين. وثاني هذه الأخطاء هو الظنّ أن الله تعالى قد أمر بنشر الإسلام بالسيف. وثالثها قصر الجهاد على القتال، مع أن الجهاد أوسع من ذلك بكثير.
فقد فنّد المسيح الموعود عليه السلام هذه الأخطاء في كثير من كتبه.
يقول حضرته عليه السلام ما تعريبه:
"يأمر القرآن الكريم صراحة ألا ترفعوا السيف لنشر الدين، بل قدِّموا ميزاته الحسنة، واجذِبوا الناس من خلال أسوتكم الحسنة. ولا تظنوا أن الإسلام في بداية عهده أمر برفع السيف لنشر الدين. كلا! إن ذلك السيف لم يُرفع لنشر الدين، بل رُفع ردًّا لعدوان الأعداء، أو توطيدًا لدعائم الأمن؛ ولم يكن الهدف منه الإكراه في سبيل الدين إطلاقًا." (ستارة قيصرية، الخزائن الروحانية ج 15 ص120-121)
وقال حضرته عليه السلام ما تعريبه:
"إن فكرةَ الجهاد (العدواني) لدى المسلمين اليوم وانتظارَهم لإمام سفّاك للدماء، وبُغْضَهم للأمم الأخرى، كلّ ذلك ليس إلا بسبب خطأ وقع فيه بعض العلماء القليلي الفهم. أما الإسلام فلا يأذن برفع السيف إلا في حرب دفاعية، أو في محاربة الظالمين المعتدين عقابًا لهم، أو في الحرب التي تُشَنُّ حفاظًا على الحريات المشروعة." (المسيح الناصري في الهند، الخزائن الروحانية ج 15 ص 4)
يقول عليه السلام ما نصُّه:
"ما أُمر المؤمنون للحرب والقتال إلا بعد ما لبثوا عمرًا مظلومين مضروبين، وذُبحوا كالمعز والجِمال، وطال عليهم الجور والجفاء، وتَوالى الظلم والإيذاء، حتى إذا اشتد الاعتداء، وسُمع عويل المستضعَفين والبكاء، فأُذن للذين قتَلَ الكَفَرةُ إخوانَهم والبنين، وقيل: اقْتُلوا القاتلين والمعاونين، ولا تعتدوا فإن الله لا يحب المعتدين. هنالك جاء أمر الجهاد، وما كان إكراه في الدين وما جبرٌ على العباد. وما بُعث نبي سفّاكًا، بل جاءوا كالعِهاد، وما قاتَلوا إلا بعد الأذى الكثير والقتل والنهب والسبي من أيدي العِدا وغُلُوِّهم في الفساد. فرُفعت هذه السُّنّة برفع أسبابها في هذه الأيام، وأُمرنا أن نُعِدَّ للكافرين كما يُعِدُّون لنا، ولا نرفع الحُسامَ قبل أن نُقتَل بالحُسام." (حقيقة المهدي، الخزائن الروحانية ج 14 ص 454)
وقال عليه السلام ما تعريبه:
"...تذكَّروا أن الإسلام لا يسمح برفع السيف إلا على الذين يرفعونه عليكم أوّلا، ولا يأمر بقتل أحد إلا الذين يبدؤون بقتلكم. ولم يعلّم بتاتًا أن تعيشوا تحت إمرة سلطان كافر وتستفيدوا من عدلـه وقسطه، ثم تهاجموه كالمتمردين. إن ذلك دَيْدَنُ الأشرار، وليس من شيم الأبرار حسبما قرره القرآن الكريم." (عاقبة آثم، الخزائن الروحانية ج 11 ص 37)
ويقول عليه السلام ما نصُّه:
"كيف الجهاد ولا يُمنَع أحدٌ من الصوم والصلاة، ولا الحج والزكاة، ولا من العفّة والتقاة، وما سَلّ كافرٌ سيفًا على المسلمين ليرتدّوا أو يجعلهم عِضِينَ؟ فمِن العدل أن يُسَلُّ الحسام بالحسام، والأقلام بالأقلام." (إعجاز المسيح، الخزائن الروحانية ج 18 ص 156- 157)
ويقول حضرته:
إن الجهاد في هذه الأيام قد اتخذ صبغةً روحانية. فالجهاد في زمننا هذا إنما هو بذل المساعي لإعلاء كلمة الإسلام. اِسعَوا لإعلاء كلمة الإسلام، ورُدّوا على تهم المعارضين وانشروا محاسن الدين المتين، وبيِّنوا صدق سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم للعالم. هذا هو الجهاد إلى أن يُحدث الله بعد ذلك أمرًا في الدنيا". (مكتوبات أحمدية)

14: قول الصحيفة: وبعد أن تداول مجلس المجمع الفقهي في هذه المستندات وسواها من الوثائق الكثيرة المفصحة عن عقيدة القاديانيين ومنشئها وأسسها وأهدافها الخطيرة في تهديم العقيدة الإسلامية الصحيحة وتحويل المسلمين عنها تحويلا وتضليلا، قرر المجلس بالإجماع اعتبار العقيدة القاديانية المسماة أيضا بالأحمدية عقيدة خارجة عن الإسلام خروجا كاملا، وأن معتنقيها كفار مرتدون عن الإسلام، وأن تظاهر أهلها بالإسلام إنما هو للتضليل والخداع،
الردّ: لماذا الإصرار على الشقّ عن قلوب الناس؟
15: قول الصحيفة: ويعلن مجلس المجمع الفقهي أنه يجب على المسلمين حكومات وعلماء وكتابا ومفكرين ودعاة وغيرهم مكافحة هذه النحلة الضالة وأهلها في كل مكان في العالم . .
الردّ: هذه دعوة للقتل والاضطهاد، فأين هذا من قوله تعالى (لا إكراه في الدين)؟ الفكر لا يواجَه إلا بالفكر، ولكن لما يعجز فكر يلجأ إلى القوة وإلى الحكومات، لكن هذا لن يجدي شيئا، والجماعات الربانية يقوى عودها باضطهادها.

16: أما ما ورد في المقال منسوبا إلى المودودي والخطيب فهو من الكذب المجرّد.
17: قول الصحيفة: رُزقت أخبث دعاية وأخبث حماية من الإنكليز وغيرهم، من أجل إلغاء الجهاد في الإسلام الذي يرعب أعداء الإسلام ومن والاهم.
الردّ: أيّ دعاية هذه؟ بل الشيخ الذي تحدثت عنه الصحيفة أنه بيّن أنه لا يؤيد ولا يقر حتى مقاومة المسلمين للاحتلال الأمريكي للعراق هو الذي حاز أكبر دعاية. وأما نحن فليس لنا سوى قنواتنا ومواقعنا التي ننفق عليها من قوت أطفالنا.

18: قول الصحيفة: قال أستاذنا الدكتور موسى البسيط: وأؤكد من خلال هذه الدراسة أن الأحمدية في فلسطين –حيفا– هي ذاتها الأحمدية التي تأسست قديمًا على يد الميرزا غلام أحمد القادياني، وأن أفكارهم ومعتقداتها هي نفس الأفكار والمعتقدات.
الردّ: هذا صحيح. ولكنها الأحمدية الصحيحة غير المشوَّهة التي تتحدثون عنها.
19: قول الصحيفة: حصلت حالات نادرة ارتبط فيها مسلمون مع أحمديين بعلاقة "زواج"، هذا الزواج باطل، وهذه العلاقة حرام أصلًا وفرعًا واستمرارًا.
الردّ: لقد ثبت أنهم يكفروننا ويرفضون الزواج منا كليا، ويعتبرونه زنا، ثم يتباكون أننا نكفرهم، مع أننا لا نكفّر أحدا منهم، ولا نمتنع عن الزواج من بناتهم، ولكننا نفضِّل ونختار ذات الدين كما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم.


 

خطب الجمعة الأخيرة