أما التفسير الكبير فهو موجود بأجزائه العشرة في الموقع.
وأما فيما يتعلق بالجن؛ فالجن لا تعني الناس دوما، بل تعني ما استتر وخفى مؤقتا أو ما لا يُرى من خلق الله تعالى لدقته أو لاحتجابه. هذا إضافة إلى المعاني المتفرعة من هذا المعنى العام. ويدخل في هذا مسمى الجن المخلوقات الخفية كالشياطين والمخلوقات التي لا ترى بالعين المجردة وكذلك المخلوقات التي من طبيعتها أنها تختفي في جحور أو تخرج تحت جنح الليل أو غير ذلك.
والآيات الكريمة {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ * وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ } (الحجر 27-28) إنما تشير إلى بداية تشكل المخلوقات الدقيقة، والتي كان للأشعة فوق البنفسجية، والتي هي طاقة، دورا في خلقها، وهذا ما أثبته العلم. وقد تشير هذه الآية إلى بداية خلق الإنسان قبل مرحلة الطين، حيث كان خلية بدأت تتطور وكان يمكن أن يُسمى جنا. والجنين في رحم المرأة يكون جنّا قبل أن يصبح مرئيا، حيث يكون في البداية مجرد بويضة ملقحة والتي هي خلية واحدة.
ويمكن مراجعة كتاب "الوحي والعقلانية والمنطق والحق" للخليفة الرابع رحمه الله تعالى للنظر في هذه المسألة بتفصيل.
كذلك قد تشير الجن هذه الآية إلى طبيعة البشر البدائيين؛ وهم المتوحشون الناريون الذين كانت الطبائع السبعة والبهيمية مستولية عليهم، لم يكونوا يتمتعون بحضارة تذكر، وكان نمط حياتهم وحشيا، وكانوا يعيشون في الكهوف والمساكن البدائية، وكان لا بد من تهذيب أخلاقهم ليحضوا بحضارة متقدمة ويصبحون أكثر اجتماعية. وهؤلاء عندما تحضروا وتطوروا أصبحوا ناسا يأنسون بعضهم ويتمتعون بعلاقة أنس مع الله تعالى.
وقد تشير هذه الآية أيضا إلى طبيعة الشياطين الخفية الخلْقية والطبعية، أما الخلقية فلا يعلم حقيقتها إلا الله، وأما الطبعية فهي أنهم يوسوسون للبشر ويزينون لهم الانحطاط نحو الغرائزية البهيمية ونحو التوحش والعنف. وهنا يشير الله تعالى إلى أن إطاعة هؤلاء الشياطين إنما يرتد بالبشر ليصبحوا جنا متوحشين بدائيين لا ناسا، لأن مرحلة الجن هي مرحلة سبقت مرحلة الإنسية المتقدمة.
تميم أبو دقة
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8