loader
 

السؤال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وجدت في القواميس أن كلمت رفث تعني كلاما قبيحا، استفساري هو ما معناها في الآية الكريمة (أحل لكم ليلة الصيام الرفث...)، خصوصا وأن الآية 198 من نفس السورة تقول (... فلا رفث ولا فسوق...). وكذلك لم أفهم لماذا قال الله تعالى في سورة النور الآية 34 (...ومن يكرههن فإن الله من بعد إكرههن غفور رحيم) بعد (...ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء...). ولماذا لم يذكر العقوبة؟ أيضا لم أفهم جيدا معنى الآية (والمحصنت من النساء إلا ما ملكت أيمنكم...)؟ وجزاكم الله كل الشكر.

السؤال 1:
وجدت في القواميس أن كلمت رفث تعني كلاما قبيحا، استفساري هو ما معناها في الآية الكريمة (أحل لكم ليلة الصيام الرفث...)
الجواب:
الآية:أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَائِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ ....
الرفث يعني الكلام الذي يتضمن ما يُستقبح ذكره من أمور الجماع ودواعيه، وجُعل كناية عن الجماع (المفردات). فالرفث هنا كناية عن الجماع.

السؤال 2
وكذلك لم أفهم لماذا قال الله تعالى في سورة النور الآية 34 (...ومن يكرههن فإن الله من بعد إكرههن غفور رحيم)
بعد (...ولا تكرهوا فتيتكم على البغاء...). ولماذا لم يذكر العقوبة؟
الجواب :
هذا ما جاء في التفسير الكبير حول هذه الآية:
أي لا تكرهوا إماءكم على ارتكاب الفاحشة. وبما أن الحديث يدور هنا عن العبيد الذين يريدون المكاتبة أي الحرية المشروطة لذا فستعني الفتيات هنا الإماء اللاتي يردن الحرية المشروطة. والمراد أن إماءكم اللاتي يردن هذه الحرية المشروطة لا تجبروهن، طمعًا في بعض المنافع المادية، على ارتكاب الفاحشة بالحيلولة دون حريتهن، بمعنى أن الأَمَة إذا أرادت تجنب الزواج الجبري منكم بحصولها على الحرية المشروطة وأرادت أن تتزوج بحريتها الكاملة بعد حصولها على الحرية الكاملة؛ فالحيلولة دون رغبتها هذه هي بمنـزلة إكراهكم إياها على الفاحشة.
ثم يقول الله تعالى وَمَنْ يُكْرِهُّنَّ فَإِنَّ اللهَ مِنْ بَعْدِ إِكْرَاهِهِنَّ غَفُورٌ رَحِيمٌ.. أي إذا حال أحد دون رغبة المرأة التي تريد أن تتحرر وبالتالي أجبرها على النكاح الذي لا ترغب هي فيه، فهو المسؤول عن البغض والكراهية التي تتولد في قلبها ولا إثم عليها، لأن البغض وعدم الولاء الذي يتولد في قلبها إنما هو نتيجة إكراه الرجل.


السؤال 3
أيضا لم أفهم جيدا معنى الآية (والمحصنت من النساء إلا ما ملكت أيمنكم...)؟
الجواب:
جاء في التفسير الوسيط (ذي الأجزاء الخمسة):
504 شرح الكلمات:
الْمُحْصَنَات: (المتزوجات) جمع محصنة؛ وهي مشتقة من حصُن أي: كان منيعًا. حصن المرأة: كانت عفيفة. أحصنت المرأة: تزوجت. مُحصَنة: أي عفيفة؛ أو تزوجت لأن زواجها قد أحصنها. وكذلك المُحصن: الرجل العفيف أو الرجل المتزوج. وعليه فإن كلمة "المحصنات" تعني: النساء اللاتي حمين أنفسهن بالدخول في حصن الزواج. ولقد استخدمت هذه الكلمة في القرآن الكريم بكل معانيها المختلفة؛ وهي: (1) المرأة المتزوجة؛ (2) المرأة العفيفة؛ (3) المرأة الحرة. ولكن في الآية التي نحن بصددها؛ لقد استخدمت بمعنى المرأة المتزوجة (موسوعة لين وأقرب الموارد).
مُسَافِحِينَ: (زانين) إسم الفاعل من سافح؛ المشتقة من سفح. سفح الدم أي: سفكه وأراقه. سفح الدمع: انصبَّ. وعليه فإن الفعل لازم ومتعد أيضًا. سافح: نافس الآخرين في سفك الدماء؛ أو زنا. مسافح أي : زاني؛ والمسافحة: الزنى (موسوعة لين وأقرب الموارد).
أُجُور: (مهور) جمع أجر وتعني: مكافأة. أجر المرأة: مهرها (تاج العروس). وكذلك في الآية 51 من سورة الأحزاب؛ جاءت الكلمة بمعنى المهور.
اسْتَمْتَعْتُمْ: (انتفعتم) مشتقة من متع. متَّعها بكذا: أعطاها (أي زوجته) شيئًا. تمتَّع بالمرأة: انتفع بها إلى حين. استمتع بكذا: انتفع به زمانًا طويلاً. إن اللغة العربية لا تؤيد استخدام كلمة "استمتاع" في حق المرأة بمعنى العلاقة المؤقتة معها (لسان العرب). والجدير بالملاحظة أنه كلما جاءت كلمة "تَمَتُع" للدلالة على علاقة مؤقتة بالمرأة؛ فإنه تأتي متبوعةً بحرف الجر "الباء" مقترنًا بالكلمة التي تشير للمرأة؛ كما جاء في المثال السابق (أي القول: تمتع بالمرأة). أما في قوله تعالى: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فإن الضمير "هن" الذي يشير للنساء؛ فإنه مسبوق بحرف الجر "من".
مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ: (ما تقتنيه). يقول العرب "هذا ملك يميني": أي أملكه وفي تصرُّفي (لسان العرب وأقرب الموارد). إن تعبير: "مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ" يشير بصفة عامة إلى أسرى الحرب من الرجال والنساء؛ والذين هم في كنف وتحت أيدي من أَسَرهم من المسلمين. أما في هذه الآية الكريمة؛ فإن مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ يعني أسرى الحرب من النساء فقط. لقد استُخدِم هذا التعبير في القرآن الكريم مُفَضَّلاً على لفظ "عباد أو إماء" للإشارة إلى الامتلاك العادل والشرعي؛ كما يشير إلى نفس الأمر أيضًا كلمة "أيمان".
التفســير:
إن التعبير الذي تحتويه الآية الكريمة مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ قد استُعمل في القرآن المجيد عن الرجال والنساء الذين يشتركون في الحروب العدوانية ضد الإسلام، ويقعون أسرى في أيدي المسلمين. غير أن السياق في هذه الآية يدل على أن هذا التعبير يعني هنا النساء اللاتي يقعن أسيرات في الحرب. إن الإسلام لا يبيح الزواج من أسيرات الحرب في الحروب العادية، ولكن هذا الأمر الاستثنائي هنا يصبح فعّالا فقط حين تشن أمّة معادية حربا دينية ضد الإسلام بغرض القضاء عليه، ودفع المسلمين بحد السيف إلى التخلي عن دينهم، واتخاذ أسراهم عبيدا، كما كان يحدث في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم، حين كان العدو يأخذ نساء المسلمين أسيرات ويعاملهن كالإماء. وعلى هذا، فإن الأمر الذي احتوته هذه الآية جاء فقط لمجازاة عمل العدو بمثله، وأيضا للعمل على حماية أخلاق أولئك النساء الأسيرات اللاتي كن في أعداد كبيرة، واللاتي أدّت الحرب إلى انفصالهن عن ذويهن. إن القوم الذين يرغمون غيرهم على التخلي عن دينهم بحد السيف، ويعاملونهم معاملة العبيد، إنما هم كالحيوانات المتوحشة، وليسوا كالبشر الذين يستحقون الاحترام، وينبغي أن يعاملوا بنفس معاملتهم حتى يفيقوا من غلوائهم. ويمكن الحصول على المزيد من المعلومات بمراجعة مقدمة تفسير القرآن.
ولعله مما يجدر الإشارة إليه هنا أنه من غير المسموح به الزواج من أقارب الأمَة التي تُتّخذ زوجة، بنفس درجات القرابة الغير مسموح بالزواج منها بالنسبة لأقارب المرأة الحرة. فمثلا أمهات وأخوات وبنات الإماء وغيرهن، لا يجوز الزواج بهن.
وقد حاول عبثا المنادون بشرعية زواج المتعة (أي الزواج المؤقت) أن يستنتجوا شرعية هذا الزواج من هذه الآية، غير أن كلا من القرآن المجيد واللغة العربية يناقضان بوضوح هذا الاستنتاج الذي لا أساس له. ويبدو أن سوء الفهم هذا عن زواج المتعة قد نشأ من عدم فهم الفرق بين معنى كلمتي "التمتّع" و "الاستمتاع" كما جاء شرحه في معاني الكلمات. ويَروي مؤلف كتاب لسان العرب عن الزجّاج قوله: "أَنّ هذه آية غَلَطَ فيها قومٌ غلطًا عظيمًا لجهلهم باللغة؛ وذلك أَنهم ذهبوا إِلى قوله: فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ من المتعة التي قد أَجمع أَهل العلم أَنها حرام. وإِنما معنى فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فما نكحتم منهن على الشريطة التي جرى في الآية".
وحسب الاستعمال العربي للألفاظ، لا يمكن استنتاج شرعية زواج المتعة، التي يؤكدها البعض، من هذه الآية. فلو كان في الآية أية إشارة يمكن منها استنتاج شرعية زواج المتعة، لاقتضى الأمر أن يكون الحرف المستخدم في الجملة هو حرف "الباء" وليس حرف "من"، بالإضافة إلى أن الفعل المستعمل هنا هو "استمتع" وليس "تمتّع"، وللفعل الأول معنى يختلف عن معنى الفعل الثاني.
كذلك لا يمكن استنتاج شرعية زواج المتعة من كلمة أُجُورهِنَّ التي تعني "مهرهن" كما جاء في "شرح الكلمات"، وقد استُعملت بنفس هذا المعنى في القرآن المجيد في الآية 51 من سورة الأحزاب حيث يقول تعالى يَآ أَيُّهَا النَّبيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ الّلاتِي ءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ.
وكمبدأ، ينبغي دفع المهر على الفور عند الزواج، ولكن يمكن تأجيل دفع المهر بموافقة الزوجة. ويمكن للزوج أن يزيد من قيمة المهر إذا شاء فيما بعد، ولكنه لا يستطيع إنقاصه إلا بموافقة الزوجة أو القاضي.
نقلها


 

خطب الجمعة الأخيرة