loader
 

السؤال: بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة و السلام على خير الانام و على اله و صحبه و من استن بسنته الى يوم الدين انا من التابعين لمولانا مرزا غلام احمد عليه السلام اماابعد. فان سالي بخصوص الرجل الدي اماته الله 100 عام هو وحماره و طعامه فمامعنى الموت هنا هل هو موت حسي ام معنوي وفي انتظار جوابكم تقبلوا فائق الاحترام و التقدير اخ

أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَى حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (260)
هذه رؤيا رآها النبي حزقيال عليه السلام، ومفادها أن إعمار القدس سيستغرق مائة سنة بعد هذا الدمار الذي حلّ بها.
علما أن "بل" هنا حرف إضراب أي صرف الأمر إلى ناحية أخرى (المنجد). والإضراب على نوعين: أحدهما للرفض، والثاني لصرف الحديث إلى أمر آخر، ولا يراد عندئذ رفض ما سبق من كلام. وهي هنا بهذا المعنى. لأنهه تعالى يتطرق في الحديث إلى معنى آخر.
وقد ردّ الخليفة الثاني التفسير التقليدي لها بالأدلة التالية:
فأولا: يقول السائل: (أنى يحيي هذه الله بعد موتها).. فهو يسأل عن إحياء هذه القرية وليس عن كيفية إحياء الموتى.
وثانيا –ماذا يعني قوله (أنى) أيعني متى أم كيف؟ إذا كان الجواب (مائة عام) فمعنى ذلك كلمة "أنى" تعني متى.
وثالثا-يقول الله (فأماته الله مائة عام ثم بعثه) وإن موته لا يحقق غاية سؤاله، لأنه بعد موته لا يستطيع أن يرى كيف يحيا الأموات.
ورابعا –لِمَ لَمْ يكتف الله بإماتة الحمار ثم إحيائه كي يُريه قدرته على الإحياء؟ لماذا أماته الله مائة عام؟
وخامسا –لماذا لم يكتف الله بإماتة واحد من أهل القرية ولماذا أمات عزيرا نفسه؟
وسادسا-ما علاقة انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه؟
وسابعا-ثم إن إحياء الميت فعلا مخالف لسنة الله تعالى، فإنه لا يحيي الأموات في هذه الحياة الدنيا.
وثامنا-إذا كان الله قد أماته مائة عام فلا يمكن أن يؤكد له موته بقوله (فانظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه) بل كان عليه أن يقول له: انظر حولك، لقد تغير العالم كله، وهذا دليل على موتك.
ثم يبين الخليفة الثاني رضي الله عنه تفسيرها فيقول:
يقول الله تعالى: انظر إلى ذلك الذي مر على قرية وهي خاوية على سقوفها فقال: يا رب متى تعمِّر هذه القرية مرة أخرى؟ فأراه الله في المنام أنه ميت لمدة مائة عام، ولما قام من نومه سأله: كم لبثت في هذا الحال؟ فقال: يوما أو بعض يوم. فقال الله: هذا صحيح، لكن تذكر أنك رأيت نفسك في هذا الحال ميتا لمدة مائة عام. والدليل على صحة ما تقول أن طعامك وشرابك لم يتغير، أما الدليل على صدق قولنا من أننا أريناك في الرؤيا مشهدا لما سيحدث في مائة عام قادمة.. أنه عندما يتحقق هذا سوف يسلِّم الناس بأنك كنت على صلة صادقة بالله تعالى. وعندما تبينت له هذه الحقيقة قال: أؤمن بأن الله على كل شيء قدير، وليس بعزيز عليه أن يعمر هذه القرية الخربة مرة أخرى بفضله.
عند رؤية أورشليم الخربة فكر النبي حزقيال في نفسه: متى يحيي الله هذه القرية الخربة؟ وليس المراد من إحياء القرية إحياء أهلها، وإنما المراد عمرانها، كما قال القرآن في موضع آخر (وأنزلنا من السماء ماء طهورا لنحيي به بلدة ميتا ونسقيه مما خلقنا أنعاما وأناسيَّ كثيرا) (الفرقان:50,49) وفي موضع ثان: (وأحيينا به بلدة ميتا) (ق: 12).. أي بالمطر أحيينا البلدة الميتة. وإحياء المدينة يعني عمرانها وجلب الرفاهية والرخاء إلى أهلها. سأل النبي حزقيال متى تحيي هذه القرية، وبالرؤيا أخبره الله أنها ستعمر خلال مائة سنة.
وهذه الرؤيا التي رواها القرآن الكريم مذكورة في سفر حزقيال؛ والفرق بين الروايتين أن التوراة لا تذكر فترة السنوات المائة. إنه من الأدلة على صدق القرآن وكماله أنه يذكر أمورا ضرورية لم تذكرها الأسفار السابقة، وهكذا يسد النقص الموجود فيها. على أية حال، فقد ورد في سفر حزقيال: (كانت عليّ يدُ الرب فأخرجني بروح الرب، وأنزلني في وسط البقعة وهي ملآنة عظاما. وأمَّرني عليها من حولها وإذا هي كثيرة جدا على وجه البقعة وإذا هي يابسة جدّا. فقال: لي يا ابن آدم، أتحيا هذه العظام؟ فقلت: يا سيد الرب، أنت تعلم. فقال لي: تنبأ على هذه العظام وقل لها: أيتها العظام اليابسة، اسمعي كلمة الرب. هكذا قال السيد الرب لهذه العظام: هأنذا أدخل فيكم روحا فتحيون، وأضع عليكم عصبا وأكسيكم لحما وأبسط عليكم جلدا وأجعل فيكم روحا فتحيون وتعلمون أني أنا الرب.
فتنبأتُ كما أمِرتُ. وبينما أنا أتنبأ كان صوتٌ وإذا رعشٌ، فتقاربت العظام كلُّ عظم إلى عظمة. ونظرت وإذا بالعصب واللحم كساها وبسط الجلد عليها من فوق وليس فيها روح. فقال لي: تنبأ للروح، تنبأ يا ابن آدم وقل للروح: هكذا قال السيد الرب: هلُمَّ يا روح من الرياح الأربع وهُبّي على هؤلاء القتلى ليحيوا. فتنبأت كما أمرني، فدخل فيهم الروح فحيوا وقاموا على أقدامهم.. جيشٌ عظيم جدا جدا..
ثم قال لي يا ابن آدم، هذه العظام هي كل بيت إسرائيل. ها هم يقولون: يبست عظامنا وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا. لذلك تنبأ وقل لهم هكذا قال السيد الرب. هأنذا أفتح قبوركم وأصعدكم من قبوركم يا شعبي وآتي بكم إلى أرض إسرائيل. فتعلمون أني أنا الرب عند فتحي قبوركم وإصعادي إياكم من قبوركم يا شعبي. وأجعل روحي فيكم فتحيون وأجعلكم في أرضكم، فتعلمون أني أنا الرب تكلمت وأفعل. يقول الرب) (حزقيال 1:37-14). هذا هو النبأ الذي تنبأ به النبي حزقيال.
لا شك أنه ليس هنا كلمة رؤيا في الآية القرآنية، ولكن من أساليب القرآن أنه يروي الرؤى دون ذكر كلمة الرؤيا.. فعندما حكى سيدنا يوسف لأبيه رؤياه التي رأى فيها النجوم والشمس والقمر تسجد له قال القرآن (إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) (يوسف:5) فلم يستخدم هنا كلمة الرؤيا.
وعندما رأى حزقيال هذا المشهد بُعث أي خرج من هذه الحالة الكشفية، وسأله الله تعالى: كم لبثت في هذه الحالة؟ قال: لبثت يوما أو بعض يوم. وهذا أسلوب للكلام يعني: أني لا أعرف تماما. وقد ورد هذا الأسلوب القرآني في مواضع أخرى مثلا: (قال كم لبثتم في الأرض عدد سنين. قالوا لبثنا يوما أو بعض يوم فسئل العادين) (المؤمنون: 113-114).. يسأل الله الكفار: كم لبثتم في الأرض من السنين؟ فيقولون: يوما أو بعض يوم، فاسأل من كانوا يعدون الزمن، يعني أننا مكثنا مدة قليلة جدا، أو لا نعرف كم لبثنا.
فكان هذا الجواب من حزقيال تأدبا واحتراما، وقال: لا أدري مشيئة الله من هذا السؤال، ويبدو أنني مكثت بعض الوقت. فقال الله: (بل لبثت مائة عام).. وعلاوة على ما في ذهنك، فهناك جانب آخر هو أنك مكثت مائة عام في هذه الحالة. و (بل) ليست هنا لنفي ما قبلها وإنما لاستئناف كلام جديد.. كما ورد في القرآن الكريم (قد أفلح من تزكى. وذكر اسم ربه فصلى. بل تؤثرون الحياة الدنيا. والآخرة خير وأبقى) (الأعلى). فما ورد هنا بعد (بل) صحيح، وما جاء قبلها صحيح أيضا، وليس هناك نفي لأي شيء. فالمعنى أن ما فكر فيه حزقيال قول صحيح، لأنه فعلا مكث بضعَ يوم. ثم سرعان ما وجَّه الله نظره إلى موضوع آخر أيضا، فقال: إنك مكثت في هذه الحالة مائة يوم. ولما كان كلام حزقيال صحيحا وحتى لا يخطِّئ نفسه أخبره الله: إن ما تقوله أيضا صحيح، والدليل على ذلك أن طعامك وشرابك أمامك لم يطرأ عليهما تغير أو فساد؛ وها هو حمارك أمامك لم يحدث له شيء. نعم، أنت مكثت بضع ساعات في حالة الكشف.. وإلا فإن الذي مكث ميتا لمائة سنة لا يقال له: انظر إلى طعامك وشرابك لم يتسنه.
ثم قال: وأريناك هذه الرؤيا لنجعلك آية للناس. وانظر إلى هذه العظام كيف ننشزها ونكسوها لحما ونقيمها أمامك.
بهذا الكشف والإلهام بشَّره الله بعمران هذه القرية خلال مائة العام القادمة. وبالفعل، بعد مائة سنة تقريبا، هيأ الله أسباب عمران هذه المدينة ورقيها مرة أخرى. لقد تم دمار أورشليم مرتين. المرة الأولى عام 597 ق.م. والثانية عام 586 ق.م. عند تمرد أهلها. وفي عام 519 ق.م. بدأ إرساء الأساس لمدينة أورشليم مرة أخرى، واستغرق عمرانها 30 سنة، وتم ذلك بصورة كاملة عام 489 ق.م. .. فهذه الفترة هي 97 أي مائة سنة تقريبا بين 586 ق.م. إلى 489 ق.م. (الموسوعة اليهودية والقاموس التوراتي لـ Black تحت كلمة أورشليم).
وقوله (وانظر إلى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما) جاء مطابقا لقول التوراة الوارد في حزقيال (لقد يبست عظامنا وهلك رجاؤنا. قد انقطعنا) (11:37). وبهذه الكلمات بيّن الله لهذا النبي أنه سوف يحيي أمة اليهود مرة أخرى، وسوف يستعيدون قوتهم وعظمتهم.
وهكذا وجدنا من التوراة أيضا رؤيا تؤيد هذا الحادث. كما ثبت كساء عظام بني إسرائيل باللحم.. ثبت أيضا أسر النبي حزقيال. كما ثبت عمران قرية أورشليم بعد مائة من السنين. كان النبي حزقيال حزينا بسبب ما حدث، ولكن عندما أخبره الله أن هذا الدمار ليس نهائيا، وإنما سيستمر فقط لمائة سنة قال (أعلم أن الله على كل شيء قدير). الآن قد اطمأن قلبي. إن تغير الأحوال يبدو في الظاهر مستحيلا، ولكن التغيير سوف يحدث يقينا، ولسوف يعمر الله القرية مرة أخرى، ويحقق الازدهار لبني إسرائيل.
نقله مختصرا


 

خطب الجمعة الأخيرة