التجئْ إلى الدعاء والابتهال إلى الله ليشرح صدرك للإيمان؛ لأن هذا ليس في يد البشر، بل مَنْ (يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ). و(وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَائِرٌ وَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ)، و(كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ)
ثم إن حضرة ميرزا غلام أحمد عليه السلام ليس نبيا بعد محمد صلى الله عليه وسلم، بل هو نبي تابع لسيدنا محمد. إنه أحد خدامه عليه السلام.
ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبر عن نـزول المسيح الذي هو نبي بلا خلاف. وحيث إن المسيح قد مات، فلا بد أن يكون المقصود بنـزول هذا النبي بعثة شخص بهذا اللقب وبهذه المواصفات والظروف، ولا بد أن يكون نبيا تابعا مثلما كان المسيح تابعا لسيدنا موسى عليه السلام. لا سيما أن النبي صلى الله عليه وسلم هو النبي الهادي وأن القرآن هو الكتاب الأخير المرشد للأمم إلى يوم القيامة.
لذا فإننا لسنا مَن يقول بنبوة بعد سيدنا محمد، بل يقول بذلك غيرُنا ممن يؤمن ببعثة نبي من أمة أخرى.. لم يتربَّ في مدرسة سيدنا محمد، ثم يأتي بأحكام جديدة تخالف الشريعة الإسلامية، مثل نسخ الجزية.
ولتوضيح مقام حضرة المسيح الموعود عليه السلام بالنسبة إلى حضرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يجدر أن أنقل بعض النصوص من كتابات المسيح الموعود عليه السلام، حيث يقول:
الآن لا نبي بعده إلا الذي أُلبس رداء المحمدية على سبيل البروز، فإن الخادم ليس بمنفصل عن مخدومه ولا الفرع بمنشقّ عن أصله، لذلك فإن الذي ينال من الله لقبَ نبيٍ بعد تفانيه بصفة كاملة في المخدوم فليس مُخلاً بختم النبوّة، كما أنك لا تصبح اثنين إذا رأيت صورتك في المرآة، بل إنما أنت واحد وإنْ تراءى اثنان في الظاهر، وإنما الفرق ما بين الظل والأصل، فهكذا تمامًا شاء الله أن يكون في المسيح الموعود. (سفينة نوح)
قال حضرته عليه السلام مخاطبًا القسيس الأمريكي "دوئي" - الذي هلك نتيجة المباهلة مع المسيح الموعود عليه السلام- ما نصه:
"ووالله، إني أنا المسيح الموعود الذي وُعِد مجيئه في آخر الزمن وأيامِ شيوع الضلالة. وإن عيسى قد ماتَ، وإن مذهب التثليث باطل، وإنك تفتري على الله في دعوى النبوّة. والنبوّة قد انقطعت بعد نبينا عليه السلام، ولا كتابَ بعد الفرقان الذي هو خير الصحف السابقة، ولا شريعةَ بعد الشريعة المحمّدية، بَيْدَ أني سُمّيتُ نبيًّا على لسان خير البريّة، وذلك أمرٌ ظِلّيٌ من بركات المُتابَعة، وما أرى في نفسي خيرًا، ووجدتُ كل ما وجدتُ من هذه النفس المقدّسة. وما عَنَى اللهُ من نبوّتي إلا كثرة المكالمة والمخاطبة، ولعنةُ الله على من أراد فوق ذلك، أو حَسِبَ نفسه شيئًا، أو أخرج عُنُقَه من الربقة النبويّة. وإنّ رسولَنا خاتَمُ النبيين، وعليه انقطعت سلسلةُ المرسلين. فليس حقُّ أحدٍ أن يدّعي النبوّة بعد رسولنا المصطفى على الطريقة المستقلّة، وما بقي بعده إلا كثرة المكالمة، وهو بشرط الاتّباع لا بغير متابَعَةِ خيرِ البريّة. وواللهِ ما حصل لي هذا المقام إلا من أنوارِ اتّباعِ الأشعّة المصطفوية، وسُمّيتُ نبيًّا من الله على طريق المجاز لا على وجه الحقيقة. فلا تهيج ههنا غيرةُ الله ولا غيرةُ رسوله، فإني أُرَبَّى تحت جناح النبيّ، وقدمي هذه تحت الأقدام النبويّة. ثم ما قلتُ من نفسي شيئًا، بل اتّبعتُ ما أُوحِيَ إليّ من ربّي. وما أخاف بعد ذلك تهديدَ الخليقة، وكلُّ أحدٍ يُسأَل عن عمله يوم القيامة، ولا يخفى على الله خافيةٌ". (الاستفتاء، الخزائن الروحانية ج 22 ص 688 -689)
"أيها الفتيان وفقهاءَ الزمان وعلماءَ الدهر وفضلاءَ البلدان.. أَفتُوني في رجل قال إنه من الله، وظهرت له حمايةُ الله كشمس الضّحَى، وتجلّت أنوارُ صدقه كبدر الدّجَى، وأرَى الله له آياتٍ باهرات، وقام لنصرته في كل أمرٍ قضَى، واستجاب دعواتِه في الأحباب وفي العدا. ولا يقول هذا العبد إلا ما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يُخرج قدمًا من الهُدى. ويقولُ إن الله سماني نبيًّا بوحيه، وكذلك سُمِّيتُ من قبل على لسان رسولنا المصطفىصلى الله عليه وسلم. وليس مُراده من النبوة إلا كثرةُ مكالمة الله وكثرة أنباءٍ من الله وكثرة ما يُوحَى. ويقول: ما نَعني من النبوة ما يُعْنَى في الصحف الأولى، بل هي درجةٌ لا تُعطَى إلا مِن اتّباع نبينا خير الوَرى. وكل مَنْ حَصُلَت له هذه الدرجة.. يُكلّم اللهُ ذلك الرجلَ بكلام أكثَرَ وأجلى، والشريعةُ تبقى بحالها.. لا يُنقَصُ منها حكم ولا تزيدُ هُدًى.
ويقول إني أحدٌ من الأمة النبوية، ثم مع ذلك سمّاني الله نبيًّا تحت فيض النبوة المحمدية، وأوحى إليَّ ما أوحى. فليست نبوتي إلا نبوته، وليس في جُبَّتي إلا أنواره وأَشِعَّتُه، ولولاه لما كنتُ شيئًا يُذكَرُ أو يُسمَّى. وإن النبي يُعرَفُ بإفاضته، فكيف نبيّنا الذي هو أفضل الأنبياء وأزيَدُهم في الفيض، وأرفَعُهم في الدرجة وأعلى؟ وأي شيءٍ دينٌ لا يضيء قلبًا نورُه، ولا يُسكِّن الغليلَ وُجُورُه، ولا يتغلغل في الصدور صدورُه، ولا يُثْنَى عليه بوصفٍ يُتمّ الحجةَ ظهورُه؟ وأيُّ شيء دينٌ لا يُميِّز المؤمنَ من الذي كفر وأبى، ومَن دخله يكون كمثل مَن خرج منه، والفرقُ بينهما لا يُرى؟ وأي شيء دينٌ لا يُمِيتُ حيًّا من هواه، ولا يُحيي بحياة أخرى؟ ومَن كان لله كان الله له.. كذلك خلت سنَّتُه في أممٍ أولى. والنبي الذي ليس فيه صفةُ الإفاضة.. لا يقوم دليلٌ على صدقه، ولا يعرفه من أتى، وليس مثله إلا كمثل راعٍ لا يهُشُّ على غَنَمِه ولا يسقي ويُبعدها عن الماء والمرعى. ". (الاستفتاء، الخزائن الروحانية ج 22 ص 636 - 638)
وقال أيضًا ما تعريبه:
"ولا يغيبنّ عن البال أن كثيرًا من الناس ينخدعون لدى سماع كلمة "نبي" في دعواي، ظانين وكأنني قد ادعيت تلك النبوة التي نالها الأنبياء في الأزمنة الخالية بشكل مباشر. إنهم على خطأ في هذا الظن. أنا لم أدّعِ بذلك قط، بل - تدليلا على كمال الفيوض الروحانية للنبي صلى الله عليه وسلم - قد وهبتْ لي الحكمةُ الإلهية هذه المرتبةَ، حيث أوصلتني إلى درجة النبوة ببركة فيوضه صلى الله عليه وسلم. لذلك لا يمكن أن أُدعى نبيًّا فقط، بل نبيًّا من جهة، وتابعا للنبي صلى الله عليه وسلم ومِن أُمته. وإن نبوتي ظلٌّ لنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، ، وليست بنبوة أصلية. ولذلك فكما أنني سُمِّيتُ - في الحديث الشريف وفي إلهاماتي - نبيًّا كذلك سُمِّيتُ تابعا للنبي صلى الله عليه وسلم ومن أمته أيضًا، إيذانًا بأن كل ما يوجد فيّ من كمال إنما كان بسبب اتّباعي للنبي صلى الله عليه وسلم، وبواسطته". (حقيقة الوحي، الخزائن الروحانية ج 22، ص 154، الهامش، طبعة 1907)
"حيثما أنكرت نبوتي ورسالتي فبمعنى أنني لست حامل شرع مستقل، كما أنني لست بنبي مستقل. ولكن حيث إني قد تلقيت علمَ الغيب من الله تعالى بواسطة رسولي المقتدى ، مستفيضًا بفيوضه الباطنة، ونائلا اسمَه، فإنني رسول ونبي، ولكن بدون أي شرع جديد. ولم أنكر أبدًا كوني نبيًّا من هذا المنطلق، بل إن الله تعالى قد ناداني نبيًّا ورسولاً بنفس هذا المعنى. لذلك لا أنكر الآن أيضا كوني نبيًّا ورسولاً بهذا المفهوم". (إزالة خطأ، الخزائن الروحانية ج 18 ص 210 -211)
وأضاف قائلا:
"لا بد من أن تتذكروا أمرًا هامًا ولا تنسوه أبدًا وهو أنه بالرغم من أنني قد نوديتُ بكلمات "نبي" و"رسول" إلا أنني قد أُخبرتُ من عند الله تعالى أن كل هذه الفيوض لم تنـزل علي مباشرة، وإنما ببركة الإفاضة الروحانية من شخصية مقدسة في السماء.. أعني محمدًا المصطفى صلى الله عليه وسلم. فبالنظر إلى هذه الوسيلة، ومن خلالها، وبفضل نيلي اسمَيه محمد وأحمد.. فأنا رسول ونبي أيضًا. أي أنني مرسل، وأتلقى أنباء الغيب من الله تعالى. وهكذا بقي خاتم "ختم النبوة" مصونًا، لأنني حَظِيت بذلك الاسم على سبيل الانعكاس والظِّلّية من خلال مِرآة المحبة. ولو أن أحدًا غضب من هذا الوحي الإلهي وقال: لماذا سماني الله نبيًّا ورسولاَ فلا شك أن هذا يدل على حمقه". (إزالة خطأ، الخزائن الروحانية ج 18 ص 211)
"ولا شك أن التحديث موهبة مجردة لا تُنال بكسبٍ البتّة.. كما هو شأن النبوة، ويُكلِّم الله المحدَّثين كما يُكلِّم النبيين، ويرسل المحدَّثين كما يرسل المرسل، ويشرب المحدَّث من عين يشرب فيها النبي، فلا شك أنه نبي لولا سد الباب، وهذا هو السر في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمى الفاروق محدَّثا فقفّى على أثره قوله: لو كان بعدي نبي لكان عمر، وما كان هذا إلا إشارة إلى أن المحدث يجمع كمالاتِ النبوة في نفسه، ولا فرق إلا فرق الظاهر والباطن، والقوة والفعل. فالنبوة شجرة موجودة في الخارج مثمرة بالغة إلى حدها، والتحديث كمثل بذر فيه يوجد في القوة كلُّ ما يوجد في الشجر بالفعل وفي الخارج. وهذا مثال واضح للذين يطلبون معارف الدين، وإلى هذا أشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديث: علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل، والمراد من العلماء المحدَّثون الذين يُؤتَون العلم من لدن ربهم ويكونون من المكلَّمين.
وقد استصعب الفرق بين التحديث والنبوة على بعض الناس، فالحق أن بينهما فرق القوة والفعل كما بينتُ آنفا في مثال الشجرة وبذرها، فخُذْها مني ولا تخفْ إلا اللهَ، وادعُ الله أن تكون من العارفين. هذا ما قلنا في بعض كتبنا استنباطًا من الأحاديث النبوية والقرآن الكريم، وما قال بعض السلف فهو أكبر من هذا، ألا ترى إلى قول ابن سيرين أنه ذُكر المهدي عنده وسئل عنه هل هو أفضل من أبي بكر فقال: ما أبو بكر؟ هو أفضلُ من بعض النبيين!
هذا ما كتب صاحب "ّفتح البيان" صدّيق حسن في كتابه "الحُجَج"، ومثله أقوال أخرى ولكنا نتركها خوفا من الإطناب. (حمامة البشرى)
"ما كان لنبي أن يأتي بعد خاتم الأنبياء إلاّ الذي جُعِل وارثه من أمّته وأُعْطى من اسمه وهويّته ويعلمه العالمون. فذلك مسيحكم الذي تنظرون إليه ولا تعرفونه وإلى السما أعينكم ترفعون. أتظنّون أن يردّ الله عيسى ابن مريم إلى الدنيا بعد موته وبعد خاتم النبيين؟ هيهات هيهات لما تظنون! وقد وعد الله أن يُمسك النفس التي قضى عليها الموت والله لا يُخلف وعده ولكنكم قوم تجهلون. أتزعمون أنه يُرسل عيسى إلى الدنيا ويوحي إليه إلى أربعين سنة ويجعله خاتم الأنبياء وينسى قوله: {وَلَكِنْ رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ}؟ سبحانه وتعالى عما تصفون! إن تتّبعون إلاّ ألفاظا لا تعلمون حقيقتها ولو رددتموها إلى حَكَمٍ من الله الذي أُرسِل أليكم لكان خيرا لكم إن كنتم تعلمون. (الخطبة الإلهامية)
ويقول عليه السلام في وصف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم:
"وإن نبيّنا خاتم الأنبياء، لا نبيّ بعده، إلا الذي ينوَّر بنوره، ويكون ظهوره ظِلَّ ظهوره. فالوحي لنا حقٌّ ومِلْكٌ بعد الاتّباع، وهو ضالّةُ فطرتنا وجدناه من هذا النبيّ المطاع، فأُعطينا مجّانًا من غير الاشتراء. والمؤمن الكامل هو الذي رُزق من هذه النعمة على سبيل الموهبة، والذي لم يُرزَق منه شيئًا يُخاف عليه سوء الخاتمة." (الاستفتاء)
"ونعتقد أن رسولنا خير الرسل، وأفضل المرسلين، وخاتم النبيين، وأفضل من كل من يأتي وخلا. هو سلكني بنفسه المباركة، وربّاني بيده الطاهرة المُطهرة، وأراني عظمته وملكوته، وعرّفني بأسراره العُليا... والله يعلم إني عاشق الإسلام، وفداء حضرة خير الأنام، وغلام أحمد المصطفى." (التبليغ)
"ولا رسولَ ولا شفيعَ لبني آدم إلا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. لذلك فاجتهدوا أن تصِلوا نبيَّ الجاه والجلال هذا بآصرة الحبّ الصادق ولا تفضّلوا عليه سواه بأيّ شكل، لكي تُعَدّوا في السماء من زمرة الناجين." (سفينة نوح)
"لا شك أنه مَن آمنَ بنزول المسيح الذي هو نبي من بني إسرائيل فقد كفَر بخاتم النبيين. فيا حسرة على قومٍ يقولون إن المسيح عيسى بن مريم نازلٌ بعد وفاة رسول الله، ويقولون إنه يجيء وينسخ من بعض أحكام الفرقان ويزيد عليها، وينزل عليه الوحي أربعين سنة، وهو خاتم المرسلين. وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا نبي بعدي"، وسمّاه الله تعالى خاتم الأنبياء، فمِن أين يظهر نبي بعده؟ ألا تتفكرون يا معشر المسلمين؟ تتبعون الأوهام ظلما وزورًا، وتتخذون القرآن مهجورًا، وصرتم من البطّالين." (تحفة بغداد)
"ونعني بختم النبوة ختم كمالاتها على نبينا الذي هو أفضل رسل الله وأنبيائه، ونعتقد بأنه لا نبي بعده إلا الذي هو من أمّته ومن أكمَلِ أتباعه، الذي وجد الفيضَ كله من روحانيته وأضاء بضيائه. فهناك لا غير ولا مقام الغيرة، وليست بنبوة أخرى ولا محلَّ للحيرة، بل هو أحمَدُ تجلّى في سَجَنْجَلٍ آخرَ، ولا يغار رجل على صورته التي أراه الله في مِرْآة وأظهَرَ. فإن الغيرة لا تهيج على التلامذة والأبناء، فمن كان من النبي.. وفي النبي.. فإنما هو هو، لأنه في أتمّ مقام الفناء، ومصبَّغ بصبغته ومرتدي بتلك الرداء، وقد وجَد الوجودَ منه وبلَغ منه كمالَ النشوّ والنماء. وهذا هو الحق الذي يشهد على بركات نبينا، ويري الناسَ حُسْنَه في حُلل التابعين الفانين فيه بكمال المحبة والصفاء، ومن الجهل أن يقوم أحد للمِراء، بل هذا هو ثبوت من الله لنَفْيِ كونِه أبتَرَ، ولا حاجة إلى تفصيل لمن تدبَّرَ. وإنه ما كان أبا أحد من الرجال من حيث الجسمانية، ولكنه أب من حيث فيض الرسالة لمن كمّل في الروحانية. وإنه خاتم النبيين وعَلَمُ المقبولين. ولا يدخُل الحضرةَ أبدا إلا الذي معه نقشُ خاتمه، وآثار سنته، ولن يُقبَل عمل ولا عبادة إلا بعد الإقرار برسالته، والثباتِ على دينه وملته. وقد هلك من تركه وما تبِعه في جميع سننه، على قدر وُسْعِه وطاقته. ولا شريعةَ بعده، ولا ناسخَ لكتابه ووصيته، ولا مبدِّلَ لكلمته، ولا قَطْرَ كمُزْنتِه. ومن خرج مثقالَ ذرّة من القرآن، فقد خرج من الإيمان. ولن يفلح أحد حتى يتّبع كلَّ ما ثبت من نبينا المصطفى، ومن ترَك مقدار ذرة من وصاياه فقد هوى. ومن ادّعى النبوة من هذه الأمة، وما اعتقد بأنه رُبّيَ من سيدنا محمدٍ خيرِ البريّة، وبأنه ليس هو شيئا من دون هذه الأسوة، وأن القرآن خاتم الشريعة، فقد هلك وألحَقَ نفسه بالكفَرة الفجَرة. ومن ادعى النبوة ولم يعتقد بأنه من أمته، وبأنه إنما وجَد كلَّ ما وجَد من فيضانه، وأنه ثمرة من بستانه، وقطرة من تَهْتَانِه، وشَعْشَعٌ من لمعانه، فهو ملعون ولعنة الله عليه وعلى أنصاره وأتباعه وأعوانه.
لا نبيَّ لنا تحت السماء من دون نبيّنا المجتبى، ولا كتابَ لنا من دون القرآن، وكلُّ من خالفه فقد جرّ نفسه إلى اللظى. ومن أنكر أحاديثَ نبينا التي قد نُقِدتْ ولا تُعارض القرآن، فهو أخو إبليس وإنه ابتاع لنفسه اللعنة وأضاع الإيمان." (مواهب الرحمن)
"ثم بعد ذلك نقل النبوة من ولد إسرائيل إلى إسماعيل، وأنعم الله على نبينا محمد وصرَف عن اليهود الوحيَ وجبرائيلَ. فهو خاتم الأنبياء لا يبعث بعده نبي من اليهود، ولا يردّ العزّة المسلوبة إليهم، وهذا وعد من الله الودود. وكذلك كُتب في التوراة والإنجيل والقرآن، فكيف يرجع عيسى، فقد حبَسه جميعُ كتب الله الديّان؟" (مواهب الرحمن)
وأخير، تفكّر يا أخي في عقيدة انتظار المسيح، أليس نبيا؟ ألم يسمه النبي صلى الله عليه وسلم نبيًّا أربع مرات في حديث واحد في صحيح مسلم؟ هل نسي النبي صلى الله عليه وسلم أنه آخر النبيين عندما سمّاه نبي الله؟ أم تظن أنه ينـزل مسلوب النبوة؟ ثم هل في تاريخ الأديان أن أقام الله رجلا بنفسه وأوحى إليه وأوجب الإيمان به ثم لم يكن نبيا؟؟
ترددات قناة mta3 العربية:
Hotbird 13B: 7° WEST 11200MHz 27500 V 5/6
Eutelsat (Nile Sat): 7° WEST-A 11392MHz 27500 V 7/8
Galaxy 19: 97° WEST 12184MHz 22500 H 2/3
Palapa D: 113° EAST 3880MHz 29900 H 7/8