loader
 

السؤال: السلام عليكم انا اسئل كيف يفسر حديث ان الله خلق مائة ءادم اذاكان صحيح شكرا لكم

إجابة على هذا السؤال يقول الخليفة الثاني للمسيح الموعود عليه السلام في التفسير الكبير: "وأشير بهذا الصدد إلى كشف عجيب رآه الشيخ محيي الدين بن عربي، وهو شخصية إسلامية بارزة، فقد قال:
" أراني الحق تعالى فيما يراه النائم.. وأنا أطوف بالكعبة مع قوم من الناس لا أعرفهم بوجوههم، فأنشدونا بيتين نسيت أحدهما وأذكر الثاني وهو:
لقد طفنا كما طفتم سنينا بهذا البيـت طرًا أجمعينـا
فتعجبت من ذلك. وتسمى لي أحدهم باسم لا أذكره، ثم قال لي: أنا من أجدادك. قلت:كم لك منذ مت؟ فقال: لي بضع وأربعون ألف سنة. فقلت له: فما لآدم هذا القدر من السنين؟! فقال لي: عن أي آدم تقول، عن هذا الأقرب إليك عن غيره؟ فتذكرت حديثا لرسول الله صلى الله عليه وسلم "أن الله خلق مائة ألف آدم، وقلت: قد يكون ذلك الجد الذي نسبني إليه من أولئك". (كتاب الفتوحات المكية،ج3، الفصل الخامس في المنازلات، باب 309).
يفهم من هذا الكشف أن آدم الموحى إليه، والذي ينتسب إليه بنو آدم اليوم، لم يكن آدم الأول، بل إنه آخر الآوادم. وكذلك يظهر منه أن كلمة "آدم" قد تستعمل كصفة أيضًا بمعنى الجد الأكبر، وأن الوجود البشري ما زال مستمرا منذ أقدم العصور، وأن الدور المذكور في الأحاديث النبوية الشريفة.. والمحدد بسبعة آلاف سنة.. إنما أريد به دور آدم الأخير فقط.. وليس أدوار البشرية جمعاء.
ورب سائل يقول: إذا كان الجيل البشري موجودا قبل آدم المذكور، وأنه تتابعت ولادته عن نطفة، فلماذا إذن يقول القرآن الحكيم بأن الخلق من زوجين؟.. ولماذا قيل في الحديث النبوي أن المرأة قد خلقت من ضلع أعوج؟
والجواب على ذلك أن الآيات المتضمنة لهذا الموضوع.. لا تذكر آدم بتاتا، بل إنها تصرح بأن الله تعالى خلق الإنسان من نفس واحدة وجعل منها زوجها.. فيقول:
1. (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ.. ) (النساء:2).
2. (هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) (الأعراف:19).
3. (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا) (الزمر:7).
ولا يراد بالنفس الواحدة هنا البشر الأول أو آدم عليه السلام.. وإنما يراد بها أن الأفراد والآحاد تنشأ منهم الأمم الكبرى، وأن الأجيال إذا اقتفت آثار آبائهم صاروا مثلهم.. إنْ كفارا فكفارا، وإن مؤمنين فمؤمنين.
أما قوله تعالى: (جعل منها زوجها) فيعني أنه تعالى خلق زوجها من نوعها ليكون الزوجان متجانسين.. يؤثر أحدهما في الآخر.
ولا يخطئنّ أحد فهمَ حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالنساء خيرا فإن المرأة خُلقت من ضلع" (صحيح مسلم، كتاب الرضاعة، باب الوصية بالنساء).. فالحديث لا يختص بزوج آدم، بل يخص جميع نساء العالم، وهيئة ولادة النساء معلومة مشهودة، ولا يريد الحديث المعني الظاهري للضلع، بل إن المراد به: "فإنهن خلقهن من ضلع استعارة للمعوج، أي خلقن خلقا فيه الاعوجاج" (كتاب مجمع بحار الأنوار، ج1،للشيخ محمد الطاهر).
والخلاصة أن الآيات السابقة والحديث المذكور.. لا يدلان على أن آدم الذي جعله الله خليفة كان هو أول البشر، أو أن زوجته خلقت من جسمه، ولكن الآيات تتناول جميع بني الإنسان كقاعدة كلية شاملة لجميع هذا النوع رجالا كانوا أو نساء."


 

خطب الجمعة الأخيرة