loader
 

السؤال: يوشك أهل ‏ ‏العراق ‏ ‏أن لا ‏ ‏يجبى ‏ ‏إليهم ‏ ‏قفيز ‏ ‏ولا درهم قلنا من أين ذاك قال من قبل ‏ ‏العجم ‏ ‏يمنعون ذاك ثم قال يوشك أهل ‏ ‏الشام ‏ ‏أن لا ‏ ‏يجبى إليهم دينار ولا ‏ ‏مدي ‏ ‏قلنا من أين ذاك قال من قبل ‏ ‏الروم ‏ ‏ثم سكت هنية ثم قال قال رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏يكون في آخر أمتي خليفة ‏ ‏يحثي ‏ ‏المال ‏ ‏حثيا ‏ ‏لا يعده عددا" صحيح مسلم هل تحقق هذا الحديث وهل هو عن مهديكم؟

القول عن الدرهم والدينار منسوب إلى الصحابي جابر بن عبد الله. وعبارة (‏يكون في آخر أمتي خليفة ‏ ‏يحثي ‏ ‏المال ‏ ‏حثيا ‏ ‏لا يعده عددا) منسوبة الى الرسول (ص). وهذا يتعلق بخليفة وليس بالإمام المهدي.
مهما يكن، فلا يمكن أن يكون هذا الكلام صحيحا لو فُهم على ظاهره، لأن المال إن صار بهذا القدر فلا قيمة له، وهذا يعني أن تضخما قد حصل في البلد. ذلك أنه إذا ملك الناس جميعا مالا وفيرا، فلا قيمة للمال في شراء الأشياء، لذا لا بدّ أن يظل المال نادرا حتى يكون معبرا حقيقيا عن قيمة الأشياء. من هنا كان النقد ذهبا وفضة ولم يكن حديدا، لأن الحديد وفير في الأرض، بينما الذهب والفضة أقل وفرة.
وقد حدثني أخ باكستاني كان مبشرا في دولة سيراليون قبل عشرين سنة -حيث الدولة قد بلغت من الفقر الغاية- أنه كان يحثي المال حثيا للبائع حين يريد أن يشتري شيئا مهما كان بسيطا، فالمال يصعب عدّه، فكان يقدّر تقديرا، ذلك أن العملة هناك لا قيمة لها.
على أن هناك حديثا آخر يتعلق بنـزول المسيح أخرجه البخاري في صحيحه وفيه (ويفيض المال حتى لا يقبله أحد).. فالمال هنا يعني العلم الذي يأتي به المسيح الموعود ويعرضه على الناس فيرفضونه. ويمكن تفسيره حرفيا باعتباره الجوائز التي كان يعرضها المسيح الموعود عليه السلام على خصومه مقابل أن يواجهوه في التحدي، ولكنهم كانوا يرفضون. فهذا هو رفض آخر للمال بعد أن يفيض. أما أن يكون المقصود بذلك امتلاء الشوارع بالمال وإعراض الناس عنها، فهذا يعني أن المال لم يعد له قيمة. وذلك كما في الدول الفقيرة جدا جدا، وهذا معنى غير مقبول لأحد.. لأن الآخذين بحرفية الكلام يرون أن الإمام المهدي سيوزع المال عليهم بالمليارات، بحيث يرفضونها لكثرتها. وهذا المعنى غير العقلاني مخالف للقرآن الكريم الذي يقول (وتحبون المال حبا جمًّا) والقائل (المال والبنون زينة الحياة الدنيا) ويعارض الحديث الذي رواه البخاري، وفيه (لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا، ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب).
إذًا، فالحديث إن كان صحيحا فإنه يمكن تفسيره بطريقة تتوافق مع ظروف بعثة المسيح الموعود عليه السلام، وتتوافق مع ما كان يَعرضه على الناس.


 

خطب الجمعة الأخيرة