loader
 

السؤال: الرجاء تقبل أسئلتي بصدر واسع 1- إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أخبرنا كل شيء ومن ضمن ما أخبرنا بأن المهدي من ال البيت من سلالة علي وفاطمة واسمه محمد ابن عبدالله ويخرج بمكة وكل كتب الحديث تذكر هذا فما صلة القرابة بين مسيحكم والرسول الأكرم؟ 2- إن الرسول صلوات ربي عليه لم يخبرنا بأن المهدي سيخرج من قاديان فما السبب؟ هل هو تقصير من النبي؟ أم أن النبي لم يكن يعلم بأن الله سيبعث نبيا من بعده؟

لا بد، أخي الكريم، من نظرة متكاملة إلى كل الأحاديث التي تتناول مسألة قدوم المهدي ونزول المسيح لاستجلاء الحقيقة. ومع أن ما تضمنه سؤالك من أنباء حول المهدي هو مما ورد فيما يصنف في مرتبة الضعيف من الأحاديث، إلا أننا لا نقول بنبذها وتركها، بل نقول بضرورة الجمع بين هذه الأحاديث وبين غيرها والتي تصنف في مراتب أقوى منها وعدم الانتقائية بطريقة جائرة مجانبة للدقة.

إن الجمع بين الأحاديث سيظهر خلافا ظاهريا في مسائل متعددة متعلقة بنسب المهدي ومكان ظهوره وعلاقته بالمسيح ونزوله ومكان هذا النزول وغير ذلك من الأمور العديدة.

وعلى كل حال، فقد وقع الفكر التقليدي في مسألة غاية في الخطورة عندما اعتمد تصورا معينا ومواصفات لظهور المهدي ونزول المسيح ورفض أية صورة قد تخالف هذا التصور. وهذا الخطأ هو الخطأ التاريخي الذي قام به أقوام الأنبياء عموما والمنتظرون لبعثة نبي وفقا لنبوءات مستقبلية عندهم. ولعل أهم مثال هو ما حدث مع اليهود الذين كانوا في انتظار ظهور النبي صلى الله عليه وسلم ولكنهم رفضوه لأنهم أصروا على تأويلهم لنصوصهم التي رأوا أنها تؤكد أنه يجب أن يكون من بني أسرائيل، ونبذوا نصوصا أخرى عندهم يصعب تجاوزها تؤكد أن النبي لن يكون منهم.

وهكذا فإن نبأ ظهور المهدي هو نبأ مستقبلي لا يتجلى بصورته الحقيقية إلا عند ظهوره، وعلى المؤمن إذا سمع بدعوى ظهور المهدي أن ينظر في الأدلة بناءً على ذلك لا أن يبني تصورا في ذهنه ويرفض كل ما لا يتوافق مع هذا التصور. وكما أوضحنا سابقا، فإن النظرة والمواصفات التقليدية للمهدي مبنية على أحاديث ضعيفة ومخالفة لأحاديث أقوى منها، وهكذا فإن عنصر الخلل فيها واضح جلي. لذا فلا يجدر التمسك بها. أما نحن فإننا نقدم مسألة المهدي استنادا على حقيقة أنه قد ظهر فعلا وبناءً على نصوص قطعية قوية تعاضدها تلك النصوص الأدنى منها مرتبة وتخدمها. فنظرتنا إلى الأدلة نظرة شاملة متكاملة لا تناقض فيها، بينما ليس في يد الفكر التقليدي إلا تصورا مستقبليا لم يقع، وسند على ظنيات ضعيفة. لذا فيجدر بالعاقل أن يترك الظنيات إلى القطعيات اليقينيات. والله الموفق.

تميم أبو دقة


 

خطب الجمعة الأخيرة