وردت الاحاديث في إعفاء اللحية وقص الشارب في الصحاح والسنن عن النبي ﷺ ومن ذلك:
{أنهكوا الشوارب واعفوا اللّحى} (البخاري- كتاب اللباس)
وقوله: {من الفطرة حلق العانة وتقليم الاظفار وقصُّ الشارب} البخاري- كتاب اللباس
فاللحية حصّةٌ من شعار المسلم وحِليةٌ طبيعية للرجل وزينته الفطرية التي يتميّز بها عن المرأة، ومعلوم أنّ أحسنُ حليةٍ يختارها المرء بعد تحلّيه بالتقوى أن يختار شعار انتمائه لقومه وملّته ونبيه، فاللحية ليست مظهرا او عادة فحسب بل تحتمل كثيرا من الفوائد الأخلاقية والصحية والروحانية .. كما أنّ في حلقها الشائع في عصرنا تشبُّهاً بالنّساء وتجمّلا بزينتهن وهو ما أنبا عنه النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد في بعض الأحاديث (أبونعيم في الحلية عن حذيفة ابن اليمان)..
لقد عدّ المسيح الموعود عليه السلام اللحية من سُنن الأنبياء عليهم السلام وعملا مُستحباً مستحسنا، واعتبر حلقها عملا مكروها منافيا لسنن الفطرة كما جاء في فتوى له رداً على سؤال حُكم حلقها فقال:
{هذا الأمر يتعلق بنهج الانسان في التفكير، بعض الانجليز الذين يحلقون اللحية والشوارب أيضا يحسبون ذلك مدعاة للجمال، ولكنني اشمئز من هذا الفعل ...إن سنّة إطالة اللحية كما اختارها الانبياء والصالحون مستحسنة جدا. ولكن اذا طالت كثيرا يمكن قصها بتركها بقدر قبضة اليد . لقد جعلها الله تمييزا بين الرجل والمرأة}
(البدر ، العدد: ٦-٢-١٩٠٣)
أما كيفية اللحية فبمراعاة قصّ الشارب أي الشعر الزائد منه على الشّفتان وقصّ ما زاد من طول اللحية بقدر قبضة اليد الواحدة . غير أنه لا يجب اعتقاد أنّ الشريعة حدّدت طولاً معيّناً للحية بحيث يأثَمُ من زاد على ذلك القدر، بل الشريعة لا تتدخل في مثل هذه الجزئيات الفرعية التي يتشعّب فيها البعض، فالمسألة تتعلق بما يناسب المرء وما يرغب فيه شخصيا من جمالية وذوق واستحسان ونظافة .. غير أنّ عمل المسيح الموعود عليه السلام ووصاياه كما يروي صاحبزادة بشير أحمد رضي الله عنه يوضح مقصد تعليم النبي صلى الله عليه وسلم بصدد إعفائها والعناية بتهذيبها حيث يُجمل القول فيقول :
{من الأنسب قصُّ اللحية التي تزيد على قبضة وإصبعين ، ولعلّ السبب في ذلك هو أن اللحية الطويلة جداً أيضا تُخالف الزّينة والجمال، ويصعب الحفاظ على نظافتها أيضا . وبإزاء ذلك فإنّ قصّ شَعر اللّحية بحيث تتراءى وكأنها محلوقة أيضا يخالف احترام أمر النبي ﷺ ويُستعبد ذلك عن المسلم المخلص}"
(سيرة المهدي، المجلد1، ص 339-340)،(فقه المسيح ص 431)